الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المبادرة بالوفاء بالنذر مستحبة وتأخير الوفاء به خلاف الأفضل

السؤال

ما حكم النذر... لقد نذرت أن أصوم أسبوعا إذا نجحت بالامتحان... ومضى على هذا النذر سنتان.. فعندما أصوم سوف آخذ أجر الصائم أم أن النذر يجب تنفيذه ولا ثواب منه، ولم أحدد موعدا لتنفيذه.. هل التأخير مكروه؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوفاء بالنذر واجب لقوله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.. أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، وابتداء النذر منهي عنه إن كان معلقاً على شرط، فالأحاديث الواردة في النهي عنه الصحيح فيها أنها محمولة على النذر المعلق على شرط.. قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في الأضواء: والظاهر لي في طريق إزالة هذا الإشكال الذي لا ينبغي العدول عنه أن نذر القربة على نوعين، أحدهما: معلق على حصول نفع كقوله: إن شفى الله مريضي فعلت لله نذر كذا، وإن نجاني الله من الأمر الفلاني المخوف فعلي لله نذر كذا ونحو ذلك.

والثاني: ليس معلقاً على نفع للناذر، كأن يتقرب إلى الله تقرباً خالصاً بنذر كذا من أنواع الطاعة. وأن النهي إنما هو في القسم الأول لأن النذر فيه لم يقع خالصاً للتقرب إلى الله بل بشرط حصول نفع للناذر، وذلك النفع الذي يحاول الناذر هو الذي دلت الأحاديث على أن القدر فيه غالب على النذر، وأن النذر لا يرد فيه شيئاً من القدر. انتهى.

وبه تعلم أن ما أقدمت عليه من تعليق النذر مكروه، ومع هذا فالوفاء بهذا النذر واجب قطعاً، وأنت تؤجر إن شاء الله على صومك لأن الصوم عبادة مأمور بها محبوبة لله عز وجل، وإن كان إقدامك على النذر مكروهاً، فالإقدام على النذر هو المكروه لا الوفاء به، وكونك أخرت الوفاء بالنذر لا يسقط عنك وجوب الوفاء به، بل هو في ذمتك إذ أنك لم تحدد له وقتاً معيناً.. والمبادرة بالوفاء بالنذر مستحبة وتأخير الوفاء به خلاف الأفضل، لقوله تعالى: فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ.. {البقرة:148}، ومبادرة بإبراء الذمة، فالذي ينبغي لك الآن أن تسارع بصوم هذا الأسبوع الذي نذرته وألا تقدم على تعليق النذر على شرط مرة أخرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني