الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قراءةُ السور المشتملة على آيةٍ فيها سجدة في الصلاة

السؤال

هل يجوز قراءة سورة بها سجدة في صلاة الفريضة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقراءةُ السور المشتملة على آيةٍ فيها سجدة مشروعةٌ في الجملة بلا شك في الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد، أما المنفرد فيقرأ آية السجدة متى شاء في الصلاة سرية أو جهرية في الركعات التي يشرعُ فيها القراءة، وأما المأموم فلا يقرأُ إلا في السرية لأنه مأمورٌ بالإنصات في الجهرية، ولا يجوزُ للمأموم السجود إذا قرأ آية سجدةٍ في الصلاة لأنه مأمورٌ بمتابعة الإمام، ويسجدُ الإمام والمنفرد عند قراءة آية السجدة، ويتابعُ المأموم الإمام في السجود، ويكبر من سجد للتلاوة في الصلاة إذا هوى للسجود وإذا رفع منه؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يكبر في كل خفضٍ ورفع.

ودليلُ مشروعية قراءة آية السجدة للإمام وفي معناه المنفرد، ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في فجر الجمعة ( آلم تنزيل..) السجدة و (هل أتى على الإنسان)، وفي الصحيحين أيضاً عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة صلاة العتمة أو قال صلاة العشاء فقرأ: ( إذا السماء انشقت ) فسجد فيها، فقلت: يا أبا هريرة ما هذه السجدة ؟ فقال: سجدت فيها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، فلا أزال أسجدها حتى ألقاه.

ولكن وقع الخلافُ بين أهل العلم في مشروعية قراءة الإمام لآية سجدة في الصلاة السرية، قال النووي: لا يكره قراءة السجدة عندنا للإمام كما لا يكره للمنفرد، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، ويسجد متى قرأها. وقال مالك: يكره مطلقا. وقال أبو حنيفة: يكره في السرية دون الجهرية. انتهى.

ويقوي قول الشافعية ما روى الحاكم وصححه على شرط الشيخين عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر، فرأى أصحابه أنه قرأ ( الم تنزيل ) السجدة.

لكنهم استحبوا تأخير سجود التلاوة إلى الفراغ من الصلاة إن لم يطل الفصل لئلا يشوش على المصلين.

ولذا فإننا نميلُ إلى قول أبي حنيفة، ونرى أن الإمام لا ينبغي له أن يسجد إذا قرأ آية السجدة في الصلاة السرية لما ينتجُ عن ذلك من التشويش على المؤتمين، وقد يترتب على ذلك خلاف ونزاع بين المصلين، وقد ثبت عن ابن مسعودٍ أنه قال ( الخلافُ شر ) فينبغي لنا أن نسد كل بابٍ يمكن أن ينجمَ منه الخلاف.

وأما مذهبُ مالك في كراهة آية السجدة في الفريضة مطلقا فضعيفٌ مخالفٌ للنصوص الثابتة في الصحيحين وغيرهما، وقد بينا حجة المالكية في قولهم هذا ومخالفة بعضهم للمذهب واتباعهم الدليل في الفتوى رقم 45028.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني