الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زنت في عدة الطلاق ثم أعادها زوجها

السؤال

تزوجت منذ 18عاما واكتشفت أن زوجي كان يعلم أنه لا ينجب ولم يصارحني قبل الزواج ولكني تخطيت الأزمة على أمل في شفائه وقمنا بعمل حقن مجهري مرتين وفشلت وكانت ظروفنا المادية سيئة جدا وتحملت كل الصعاب معه وصبرت عليه حتى أكرمه الله بعمل خارج الدولة وتيسر الحال بفضل الله ثم واجهتنا مشكلات شخصيه مع عائلته فهم يكرهونني ويعتبرونني الآن مسيطرة على كل أموال زوجي وأنني أحول بينهم وبين أمواله وليس لدينا أبناء وبدؤوا يسببون لي المشكلات معه وكثيرا ما كنت أترك البيت وذات يوم أصررت أنا لا أعود وخاصة بعد وقوف زوجي إلى جانبهم كالعادة وطلبت الطلاق وبعد رفض من زوجي عليه أمام إصراري وافق وانفصلنا وتقدم لخطبتي من الأصدقاء والأقارب ووافقت على أحدهم ووافق الأهل وباركوا هذا الزواج رغم الفارق الكبير بينه وبين زوجي فزوجي كان طبيبا وهو لا يحمل الإعدادية وظروفه المادية أقل من سيئة ولكن كي أهرب من بيت العائلة وكي يتخلصوا هم مني وبعد ذلك وجدت فيه حنانا وحبا لم أجدهم مع زوجي 18 عاما أببته وانتظرت معه شهورا كي يتقدم خطوة واحدة لبناء بيت لنا دون جدوى ولكي كنت أجد فيه الملاذ من جحود الأهل فهو قمة في الحنان وأنا لم أعرف معنى هذه الكلمة الجميلة طيلة حياتي وعمرى الآن 36وحدثت الكارثة ووقعنا في الخطيئة فأنا عشت مع زوجي سنوات كنت فيها أعاني من حرمان تام أحيانا فلقد كان لا يمسني طويلا بسبب تدهور حالته الصحية ورفضه العلاج وكنت أخشى أن أبوح له باحتياجاتي كزوجة وهو كان لا يأخذ هذا بعين الاعتبار وبعد أنا وقعت في هذه المعصية تحولت حياتي كربا ليس له نهاية وانهالت فوقي المشاكل والهموم وكانت لي أخت تحقد علي لأنني كنت متزوجة من ومستقره رغم عدم وجود أولاد وهي لديها ولد وطلقت من زوجها لأنه لا يعمل وهي تحب المال أكثر من أي شيء حتى تركت ابنها وكانت تريد الذي خطبني ولكنه كان لا يرغبها فكرهتني أكثر وباتت تكيد لنا حتى انقلب الحال لرفض هذه الزيجة من الأهل وطردوه من منزلنا وكنت حينها حاملا منه (غفر الله لي) ولا أحد يعلم بهذا الأمر سوانا وأجهضت لأن هذا الخطيب لا زال لا يملك سوى حبه لى وحينها عاد زوجي يرغب في استرجاعي له وأمام قسوة القلوب وعماها عن الحق عدت إليه وأنا في غاية الأسى ولكنه كان الهروب من المشاكل وبلا رغبة في الحياة صارت الأمور من سيئ إلى الأسوأ فزوجي الذي كنت أرفض نصائح البعض بالانفصال عنه كي أنجب طلب مني أن يتزوج كي ينجب هو من أخرى طالما العملية فشلت معي فربما تنجح مع غيري. والآن تذكرت خطيئتي لأنني كنت مازلت في شهور العدة وقلت لنفسي أنا أقبل كي أكفر عن ذنبي في حقه بعذابي بوجود أخرى في حياة زوجي وأنا أقسم أنه منذ عدت وأنا أحاول أن أرضي الله في هذا الزوج المخدوع الذي يعتقد أنني ادأشرف النساء وأنا لست كذلك وللعلم أنها أول خطيئة وآخرها طيلة حياتي وأنا أتقي الله في زوجي ونفسي فماذا أفعل أأقبل زواجه من أخرى كي أكفر بعضا من هذا الذنب الكبير أم أقنعه باحتمال نجاح العملية هذه المرة وأن يتوكل على الله وللعلم هو تقدم بالفعل لخطبة فتاة ووافقت وهي تعلم أنه لا ينجب دلوني بالله عليكم وماذا أفعل كي أكفر عن هذا الذنب مع العلم أن الخاطب السابق ما زال يلاحقني ومازلت أكن له شيئا في قلبي وغاضبة من الزوج الذي تحملته رغم كل شيء واليوم يريد الزواج بأخرى . والأهل قاطعوني لأني كنت أصر على الخطيب وضربوني وعذبوني ولهذا عدت لما أنا فيه الآن أجيبوا بالله عليكم بلسان العالم وعقل الأب الذي حرمني الموت منه في هذه الظروف ولو كان حيا ما كانوا فعلوا بي، كل هذا، رحم الله أبي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلقد كان حسنا منك أن صبرت مع زوجك رغم عدم إنجابه، لكنك لم تحسني حين واجهت مشكلات أهله بترك البيت وطلب الطلاق، فقد كان من الممكن احتواء هذه المشكلات بشيء من الحكمة والصبر والاستعانة بالله، دون أن يصل الأمر إلى الطلاق.

ثم وقعت في خطأ كبير وإثم عظيم بارتكابك الفاحشة، وذلك لعدم التزامك حدود الله في التعامل مع الخاطب، فإن حكم المخطوبة بالنسبة للخاطب (ما دام لم يعقد عليها) لا يختلف عن حكم أي فتاة أجنبية عنه، فلا يحل له الخلوة بها ولا لمس بدنها، بل ولا الحديث معها لمجرد الاستمتاع والتشهي وإنما ينبغي أن يكون للحاجة والمصلحة المعتبرة شرعاً في حدود الاحتشام والجدية والبعد عن كل ما يثير الفتنة.

ثم أتبعت ذلك بذنب آخر وهو الإجهاض، فهو جريمة أخرى، إذا كان الحمل قد تعدى أربعين يوماً.

ويجب عليك أن تتوبي إلى الله توبة صادقة بأن تقطعي كل صلة لك بهذا الخاطب الذي أخطأت معه، وتزيلي من قلبك كل تعلق به، فإن وجود علاقة بين المرأة وغير زوجها من الخيانة للزوج، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال 27}.

ومن شروط التوبة، الندم على الوقوع فيما حرم الله، والعزم الصادق على عدم العود، ثم عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، من طاعة الزوج و بر الوالدين وصلة الرحم والصلاة بالليل والصدقة والصيام وكثرة الذكر والدعاء.

أما رغبة زوجك في الزواج بثانية فهو في الأصل أمر مباح، لا يحق لأحد الاعتراض عليه، بشرط أن يكون قادراً عليه، وأن يعدل بينكما فيما أمره الله بالعدل فيه، أما إذا كان لا يقدر على مؤونة هذا الزواج سواء من جهة النفقة أو من جهة القدرة على المعاشرة، فلا يجوز له حينئذ أن يتزوج الثانية، وعليك أن تحذريه من ذلك وليس موافقتك على زواج زوجك من أخرى كفارة لما وقع منك من الخطأ، وإنما كفارة ما وقعت فيه تكون بالتوبة الصادقة بشروطها التي سبق ذكرها، وليس من شرط التوبة أن تعاقبي نفسك بزواجه من الثانية، وإنما من توبتك أن تحسني عشرته وتصوني عرضه وتتعاونا على طاعة الله تعالى.

وننبه السائلة إلى أن أهلها، وإن كانوا أساؤوا إليها، فإنه لا يجوز لها مقاطعتهم، فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يسيء ويقطع، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني