الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من غلبه النوم فدخل جوفه شيء من إفرازات في فمه

السؤال

أعاني من مشاكل في أسناني فأحيانا تخرج إفرازات من أسناني فتختلط مع الريق، ولكني عادة أقوم بإخراجها ولكني ذات مرة قبل المغرب بقليل أحسست بقليل من هذه الإفرازات ولم أبتلعها ولكني أبقيتها في فمي على أمل أن أقوم بعد قليل وأخرجها ولكن فجأة غلبني النعاس ونمت ولم أستيقظ إلا على أذان المغرب ولا أدري هل ابتلعتها وأنا نائم أم لا فهل يفسد صومي في هذه الحالة، أيضا حينما يشكل علي الأمر فهل هي إفرازات أم لا فأقوم ببلع هذا الريق إذا أحسست أن طعم الفم قد تغير فهل يفسد صومي، علما بأني حريص أشد الحرص على إتمام صومي فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الإفرازات الخارجة من الأسنان إذا كانت خلاف الريق كأن كانت دماً أو فضلات طعام مثلاً فلا يجوز ابتلاعها، وتعمد ابتلاعها من المفطرات، فإذا كنت تتحرى وتبذل جهدك في عدم ابتلاعها فلا شيء عليك إن سبق شيء إلى جوفك دون قصد منك، وإذا شككت هل دخل شيء إلى جوفك أو لا فلا شيء عليك، لأن الأصل اليقين وبراءة الذمة، وكذا ما دخل جوفك من هذه الإفرازات حال النوم فلا إثم عليك فيه ولا تفطر بذلك، لما رواه أبو داود وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو فعل الصائم شيئاً من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار فصومه صحيح. انتهى.

لكن قد يقال إنك فرطت في ترك التعجيل بمجها وإبقائها في فمك حتى غلبك النعاس فيفسد الصوم بهذا على قول كثير من أهل العلم الذين قَصَروا العذر بسبق المفطر على ما لو نشأ عن تصرف مأذون فيه أي لحاجة، أما إذا وضع الماء في فمه لغير حاجة ثم سبقه الماء فنزل إلى جوفه فقد فسد صومه هكذا قال الإمام النووي رحمه الله وجماعة من أهل العلم، قال النووي رحمه الله في المجموع: ولو جعل الماء في فيه لا لغرض فسبق فنزل إلى جوفه فطريقان -أي اختلاف في حكاية مذهب الإمام الشافعي- أحدهما يفطر، والثاني على القولين. وهو يشير إلى قولين سبق ذكرهما عنده والمرجح منهما أنه يفطر.

وإذاً فالمرجح عند النووي أن الماء في هذه الحال مفطر، لكن الذي يظهر أنه لا قضاء عليك ، لأن الظاهر من السؤال أنك لم تتعمد النوم وهي في فمك وإنما غلبك النعاس، فمن لم يتعمد الفطر لا يكون مفطراً خاصة مع وجود الشك في ابتلاعها.

والخلاصة: أن صومك صحيح في الصور المسؤول عنها ما دمت تبذل وسعك في عدم ابتلاع هذه الإفرازات وإن احتطت فقضيت ذلك اليوم خشية أن يكون حصل منك تفريط فذاك أحسن.

وللمزيد انظر الفتوى رقم: 105760، والفتوى رقم: 112684.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني