الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى: ...أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ...

السؤال

قال الله تعالى: يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ. سورة المائدة - الآية 10.
أو آخران من غيركم، إذا كان المعنى من غير المسلمين، فكيف يقسمان بما لا يعظمان؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعلى القول بأن المقصود بقوله تعالى: آخران من غيركم أي من غير المسلمين، وأن الآية ليست منسوخة فإن الكافر وإن كان كافرا إلا أنه يوجد عنده شيء من تعظيم الله تعالى، وهذا التعظيم لا ينفعه مع كفره فلا يصح أن يقال إن الكافر لا يوجد عنده تعظيم لله مطلقا، وقد قال الله تعالى عن الكفار: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ في عدة مواطن في القرآن، فالكافر إذا أراد أن يجتهد في يمينه حلف بالله، ولأن الكافر مظنة الكذب، فعند الشك والارتياب في شهادتهما أمر الله تعالى باستحلاف الشاهدين الكافرين بعد الصلاة على أنهما لم يبدلا الوصية ولم يكذبا.

واعلم أخي السائل أن لعلماء التفسير في قوله تعالى: آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ثلاثة أقوال:

الأول: أن المراد بغيركم أي من غير القرابة والعشيرة أي من غير قبيلة الموصي، وليس المعنى من غير المسلمين.

الثاني: أن المقصود به الكفار أي من غير دينكم وملتكم في قول أكثر المفسرين، قاله ابن عباس وأبو موسى الأشعري وغيرهم؛ لكن الآية منسوخة بآية الدين في آخر سورة البقرة، فقد قال الله تعالى في آية الدين: ممن ترضون من الشهداء، وبقوله: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ {الطلاق: 1}

والكافر ليس منا ولا بمرضي، وإنما أباح الله إشهاد الكفار في بادئ الأمر لقلة المسلمين في السفر، أما وقد عم الإسلام الأرض فقد نسخ الحكم ولم يجز إشهاد غير المسلمين، وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم من الفقهاء.

الثالث: أن المراد به الكفار والآية ليست منسوخة وإنما أجيزت شهادة الكافر للضرورة عند عدم وجود المسلم، وانظر الفتوى: 37693.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني