الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاء لشخص بأن يتغير حاله من الضلال إلى الهداية

السؤال

سيدي أحببت أن أستفسر عن أمر عسى أن أجد عندكم الجواب، سؤالي كالتالي هل يمكن أن يتغير الشخص غير الملتزم إن أنا دعوت الله أن يهتدي فأنا دائما في صلاتي أدعو الله له بالهداية ودعوت له في رمضان وأتحرى الأوقات التي يستحب فيها الدعاء في قيام الليل وبين الأذان والإقامة؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيمكن أن يتغير حال الإنسان من ضلالة إلى هدى بسبب دعاء غيره له فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعمر فهداه الله تعالى للإسلام، وإذا كان الشخص مسلماً في الأصل فاستجابة الدعاء له بالهداية أحرى، فإن من الدعوات المستجابات دعاء المسلم لأخيه عن ظهر غيب، وعلى كل فدعاء المسلم لا يخيب، والله عز وجل أكرم من أن يرد سائلا، ولكن للدعاء المقبول شروط لا بد من تحققها، وموانع لا بد من انتفائها، وآداب بحصولها يرجى قرب الإجابة، وكذلك ليست للإجابة صورة واحدة بأن يحصل المدعو به، بل قد يدخر الدعاء ليوم القيامة، وقد يصرف عن الداعي من السوء مثله، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتوى رقم: 72867 وما أحيل عليه فيها.

ومن الموانع التي ينبغي أن ينتبه إليها السائل: الاستعجال وترك الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم.

قال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل.

وقال ابن حجر: قال ابن بطال: المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء... وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أنه يلزم الطلب ولا ييأس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة... قال الداودي: يخشى على من خالف وقال قد دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة وما قام مقامها من الادخار والتكفير.

وقد سبق بيان معنى الاستعجال والتحذير منه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63158، 54325، 69484، كما سبق بيان شروط إجابة الدعاء وموانعه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 8331، 2395، 23599، 43346.

ثم ننبه السائل الكريم إلى أن المانع قد يكون في من تدعو له، وذلك معتبر في حال النبي صلى الله عليه وسلم الذي اجتهد في دعاء عمه أبي طالب للإسلام، ولكنه لم يسلم، وأنزل الله تعالى في ذلك: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص:56}، وقال تعالى أيضا: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {البقرة:272}، ويرجى للمزيد من الفائدة مراجعة الفتوى رقم: 57109، والفتوى رقم: 8306.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني