الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل سبق للرسول صلى الله عليه وسلم وأن امتلك عبيدا . وكيف أجاز الإسلام العبودية رغم أحاديث دلت على الإخاء بين المسلمين وعدم التفرقة بينهم .
السؤال الثاني ما رأيكم في كلمة ( عبد ) في بعض الدول العربية وعلى وجه الخصوص في المملكة العربية السعودية رغم أن أكثر السود الذين يلقبون بالعبيد ينتمون إلى قبائل معروفة ورغم ذلك يقال عنهم بأنهم عبيد الفلان من القبائل .
السؤال الثالث كيف يكون الإنسان عبداً وقد ولد من أب حر وأم حرة . ثم فسر لي الحديث المروري عن الرسول صلى الله عليه وسلم . الذي بمعناه ..متى ملكتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. أرجو إقناعي بكلمة عبد في الإسلام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم عبيد ولكنه أعتقهم كلهم أو أكثرهم على اختلاف في ذلك، وتجد تفاصيل ذلك في كتب السيرة والسنة..

وأما كيف أجاز الإسلام العبودية؟ فإن الإسلام جاء والعبودية شائعة ومنتشرة في أمم الأرض جميعا منذ أزمان قديمة، وتمارس بأبشع الصور، ولا فرق عند تلك الأمم بين أن يؤخذ الرقيق في حرب مشروعة، وبين أن يؤخذ في عدوان ظالم، أو احتيال على أخذ الحر غدراً وخيانة، وأكل ثمنه، أو أخذه في دين عجز عن أدائه.. فضيق الإسلام هذا الباب، وشدد في حرمة بيع الحر، واسترقاقه، وحصر دائرة الرق فيما أخذ عن طريق الجهاد المشروع معاملة بالمثل وردا على الأعداء الذين يسترقون الأسرى وغيرهم من المسلمين؛ فجعل الإسلام لولي الأمر الخيار فيما يراه مناسبا من المنّ على الأسرى أوالفداء أوالاسترقاق.

ثم نظم الإسلام العلاقة بين العبد وسيده بصورة لا توجد في أي أمة أو نظام، فأوصى الله تعالى السادة بالعبيد آكد وصية أن يحسنوا إليهم، كما يحسنون إلى آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم، وأن يطعموهم مما يأكلون، ويلبسوهم مما يلبسون، وأن لا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا {النساء: 36}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تأكلون، وألبسوهم مما تلبسون، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم. والحديث في الصحيحين.

وللمزيد عن هذا الموضوع انظر الفتوى رقم: 52036،

وأما كلمة عبد فقد نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره فقال: لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي.

فالعبد لا تضاف إلا لله تبارك وتعالى حفاظا على جناب العقيدة وعلى المشاعر الإنسانية..

وأما قول بعض الناس عبدا أو عبيدا للون معين فلا معنى له ؛ لأن العبيد كانوا موجودين في الآسيويين والإفريقيين والأوربيين والآمريكيتين وفي مختلف الألوان والأجناس..

وأما كيف يسترق الإنسان وقد ولد من أبوين حرين؟ فإن هذا لا يصح ولا يجوز في شريعة الإسلام إلا إذا كان كافرا أسر في جهاد في سبيل الله كما سبق.. فجنس الإنسان مكرم بأصله وحر بطبيعته كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا {الإسراء: 70} وهو مقتضى الأثر الذي أشرت إليه ، وهو من قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وليس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم وسبق تخريجه في الفتويين: 36194، 72701، فنرجو أن تطلع عليهما، وعلى الفتوى رقم: 4492، للمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني