الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للزوجة كامل مؤخر الصداق ما لم تتنازل

السؤال

أنا متزوج ولكن زواجا مكرها حيث إني قد اخترت زوجة من أقربائي حتى تكون عونا لي ولأمي وأبي الكبار في السن مع العلم أننا نعيش في شقة منفصلة وبعد مرور عامين أصبح الزواج مستحيلا نظرا للمشاكل التي حدثت بيني وبين زوجتي والأقارب.
وأريد أن أطبق شرع الله في المعاشرة بالمعروف أو التسريح بإحسان ولكنني مجبر على الاستمرار لأن قائمة المنقولات التي وقعت عليها كان بها شرط جزائي ولكنني لم أره لأني وثقت بهم لأنهم أقربائي والآن أنا مهدد بدخولي السجن إذا طلقتها أو أستمر معها مكرها على معاشرتها ويعلم الله أنني أعيش معها في حياة مستحيلة؟
سؤالي: إنني لا أستطيع العيش معها مع العلم أن صلة القرابة قد انقطعت منذ هذه المشاكل وأنا مهدد بهذه القائمة هل أنا مجبر على العيش معها وهل الطلاق حلال أم ماذا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن وجود المودة والألفة بين الزوجين أمر مطلوب شرعاً وهو سبب لاستقرار الأسرة وعون لها على إقامة حدود الله بين الزوجين، لكن هذا الأمر قد يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأخطاء والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى: .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا { النساء: 19}.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.

لكن إن تعذر ذلك لسوء خلق الزوجة وسوء عشرتها، فالطلاق مباح، ولا إثم فيه، ولكن الأولى محاولة الإصلاح والصبر، وترك الطلاق حتى تستنفد جميع الوسائل المشروعة للعلاج، وذلك لما يترتب على الطلاق في الغالب من أضرار نفسية واجتماعية.

وعلى ذلك فلا يلزمك أن تعيش معها مكرهاً إذا تعذر الإصلاح، وإنما يمكنك أن توسط بعض ذوي المروءة والدين، ليصلحوا بينكم، أو يحكموا في حال الطلاق بما تتراضيا عليه من المال مع بعض التسامح والعفو، فإن أصرت الزوجة على أخذ كامل حقها في مؤخر الصداق فلها ذلك.

أما عن زواجك بثانية، فهو مباح، ما دمت قادراً عليه، وبشرط أن تراعي العدل بينهما.

وفي كل الأحوال لا يجوز لك أن تقطع قرابتك، فإن قطيعة الرحم محرمة، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ. متفق عليه.

وقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.

وأما عن اتباع العرف والعادات، فلا شك أننا مطالبون باتباع الشرع المنزل من عند الله، والشرع لم يمنع من اتباع العادات والعرف، لكن بشرط ألا تخالف شيئاً من الشرع، فإن خالفت الشرع فلا اعتبار لها ولا يجوز للمسلم اتباعها، علما بأننا لم يتضح لنا المقصود مما أسماه السائل شرط جزاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني