الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في حكم وضوء من مس فرجه

السؤال

كنت عند الاستحمام أنوي الوضوء وبعد الاستحمام ألمس الفرج عشان وضع الكريم وما كنت أعرف أن لمس الفرج ينقض الوضوء. هل علي إعادة الصلاة؟ وإذا لازم أعيدها كيف الطريقة مع العلم أني ما أعرف عددها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصحيحُ أن مس الرجل فرجه والمرأة فرجها ناقضٌ للوضوء مُطلقاً إذا كان المسُ من غير حائل، وسواءٌ كان بشهوةٍ أو غيرها، وتدلُ على ذلك أحاديث كثيرة عن جماعةٍ من الصحابة منهم بُسرة بنت صفوان وأبوهريرة وأم حبيبة، ومجموعها يفيدُ الأمر بالوضوء من مس الفرج، وفي بعضها التقييد بعدم وجود الحائل، فهو القيدُ المعتبر الذي يُحمل عليه حديث طلق بن علي: إنما هو بَضعة منك، والذي يُفيد بظاهره عدم وجوب الوضوء من مس الفرج، فطريقُ الجمع بين هذه الأحاديث هو ما ذكرنا.

إذا تقرر هذا، فإن من صلى صلواتٍ لم يتوضأ فيها من مس الفرج ثم ظهر له أن مس الفرج ناقضٌ للوضوء، فإنه لا يُعيدُ تلك الصلوات؛ لأن المسألة من مسائل الاجتهاد، وليسَ نقضُ الوضوءِ بها قطعياً، فمن كان يعتقدُ عدم وجوب الوضوء من لمس الفرج فهو في ذلك مقلدٌ لأئمةٍ معتبرين، فمن العلماء من يرى مس الفرج غير ناقضٍ مطلقا كأبي حنيفة، ومنهم من يُقيد النقض بوجود الشهوة كقولٍ لمالك وقولٍ لشيخ الإسلام، وإليه يميلُ جماعةٌ من المعاصرين، بل يرى المالكية في معتمد المذهب أن المرأة لا ينتقض وضوؤها بمس فرجها مطلقا، ففي الشرح الكبير للدرير: ولا مس امرأة فرجها ألطفت أم لا قبضت عليه أم لا وهذا هو المذهب. انتهى

والإلطاف: أن تدخل شيئا من يدها في فرجها.

وإذ الأمرُ كذلك فلا تتوجه المطالبة بإعادة الصلاة، وإذا كانَ شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أن من ترك شرطاً أو ركناً من شروط الصلاة جاهلا فإنه لا يُعيد لأنه فعل ما أمر به كما أُمر، واستدلَ على ذلك بحديثِ المسيء وغيره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة ما مضى من صلوات وهذا في الشروط والأركان المتفق عليها، فالمختلفُ فيه أولى أن يُعذرَ مَن جَهِله فلا يؤمرُ بإعادةِ تلك الصلوات التي صلاها متلبساً بفعلِ ناقضٍ للوضوء أو مُبطلٍ للصلاةِ مُختلفٍ فيه مع الجهل.

وعليه؛ فإن اللازم لكِ أن تتوضئي من مس الفرج مستقبلا، وأما الصلوات التي مضت فلا تلزمكِ إعادتها . وانظري الفتوى رقم: 42946.

وإن أعدتها احتياطاً فلا بأس فإن المسألة مُختلفٌ فيها. وأشارَ شيخُ الإسلام إلى الخلاف وذكرَ روايتين عن أحمد في وجوبِ القضاء في مثل هذه الصورة قال: ومن صلى ولم يتوضأ من لحوم الإبل، ولم يكن علمَ بالنهي ثم علم هل يعيد؟ على روايتين منصوصتين. انتهى.

واختارَ هو عدم لزوم القضاء ودلل عليه بما يدلُ على متانة فقهه رحمه الله، وطريقُ قضاء تلك الصلوات أن تعملي بالتحري حتى يغلبُ على ظنك براءة ذمتك من هذه الصلوات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني