الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من امرأة زنى بها في غير موضع الحرث

السؤال

أنا شاب خطبت فتاة قبل سنة وعملت معها علاقة قبل الزواج من دبرها، فهل يجوز لي الزواج بها، وما حكم هذا السؤال؟ شكراً لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان المقصود أنه قد حصل إيلاج في الدبر فهذا هو الزنا الذي هو من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في أن من وطئ امرأة من قبلها حراماً ولا شبهة له في وطئها أنه زان يجب عليه حد الزنا إذا كملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زنا، لأنه وطء في فرج امرأة لا ملك له فيها ولا شبهة ملك، فكان زنا كالوطء في القبل، لأن الله تعالى قال: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والوطء في الدبر فاحشة بقوله تعالى في قوم لوط: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ. يعني: الوطء في أدبار الرجال، ويقال: أول ما بدأ قوم لوط بوطء النساء في أدبارهن، ثم صاروا إلى ذلك في الرجال. انتهى.

فالوجب عليكما أن تسارعا إلى التوبة إلى الله جل وعلا من هذه الجريمة القبيحة، أما بالنسبة للزواج من هذه الفتاة فإنه لا يجوز إتمام الزواج إلا بعد التوبة الصادقة من كليكما لأن الله سبحانه قد حرم الزواج من الزاني أو الزانية إلا بعد التوبة، قال تعالى: الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فأما تحريم الزانية فقد تكلم عنه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم، وفيه آثار عن السلف، وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه. انتهى.

وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: وأما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من ينكحها إما زان أو مشرك، فإنه إما أن يلتزم حكمه سبحانه ويعتقد وجوبه عليه أو لا، فإن لم يلتزمه ولم يعتقده فهو مشرك، وإن التزمه واعتقد وجوبه وخالفه فهو زان، ثم صرح بتحريمه، فقال تعالى: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. انتهى.

أما إذا كان الأمر مجرد تلامس دون إيلاج فهذا ليس من الزنا الموجب للحد بل هذا من مقدمات الزنا، فعليكما بالتوبة إلى الله سبحانه من هذا، ثم لا مانع من إتمام الزواج، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 58166، والفتوى رقم: 37894.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني