الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواب شبهة حول حكم اللحية والإنكار على حالقها

السؤال

جعلكم الله تعالى ومن تبعكم في خدمة المسلمين دائماً، وبعد من المعلوم أنه لا إنكار في ترك المستحب، وإذا كان اختلاف العلماء في الآراء الفقهية لبعض الأمور ما هو إلا رحمة من الله للعباد، فإنني هنا أريد أن أتكلم عن حلق اللحية، طالما أن هناك علماء مثل الإمام الشافعي والقاضي عياض وغيرهم رحمهم الله تعالى وهم من العلماء المعتبرين عند أهل السنة والجماعة قد أخذ عنهم أن إعفاء اللحية من السنن وليس من الفروض، فلماذا نحكم على من ترك هذه السنة بأنه آثم، فإن معنى هذا الحكم أن من قاله أنه ينكر على الشافعي حكمه، أو بعبارة أخرى : إذا كان رأيكم هو أن حلق اللحية فريضة وهو ما قال به كثير من العلماء فلماذا ننكر الرأي المعتبر الآخر، ونحرم حلق اللحية على الإطلاق؟ أليس معنى ذلك إنكاراً لترك المستحب أو تأثيماً لتارك إحدى السنن ؟! وبصيغة أخرى إذا كنتم تفتون بوجوب إعفاء اللحية للأدلة المعتبرة لديكم على ذلك، أليس أيضاً من أفتى بسنيتها لديه الأدلة على حكمه وهو من الآراء المعتبرة كما ذكر، فلماذا الإنكار على من اتبع الحكم بالسنية، وإذا كان هذا من باب الأخذ بالأحوط، فإنه أيضاً لا ينبغي الإنكار على من اعتقد الرأي القائل بالسنية وليس الوجوب. أرجو الرد على ما ذكرت بدون الإحالة إلى إجابة سؤال سابق مماثل. وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلعك قد اطلعت على الكم الهائل من الفتاوى والأجوبة التي نشرناها على صفحات هذا الموقع عن حكم توفير اللحية وحلقها.. وما يتعلق بها من مباحث وأحكام؛ ولذلك لا نناقش هذا الموضوع هنا. ولكننا نريد أن ننبه على عدة أمور تركز حولها سؤال السائل الكريم.

فمن هذه الأمور: أن قول أهل العلم: لا إنكار في ترك المستحب، ولا إنكار في مختلف فيه. ليس على إطلاقه كما قال المحققون من أهل العلم، بل هو مقيد بعدم اصطدام الخلاف بنص من نصوص الوحي من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو الإجماع، وهو ما حصل في هذه المسألة كما بينا في الفتاوى المشار إليها قال القرافي المالكي في الفروق: وقال الشيخ محي الدين النووي في منهاجه: أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، وليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نص القرآن أو السنة أو الإجماع.

وأما قولهم: لا إنكار في مسائل الاجتهاد فهو صحيح ؛ لأن الاجتهاد لا يكون إلا في ما لا نص فيه، وممن هو من أهله.

ومنها: أن المنقول عن الإمام الشافعي في حلق اللحية هو التحريم كما قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج إنه نص في الأم على تحريم حلقها، وأما الكراهة فقد نقلت عن شيخي الشافعية الإمام النووي والرافعي فقال: فَائِدَةٌ قَالَ الشَّيْخَانِ يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةَ فِي حَاشِيَةِ الْكَافِيَةِ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ. اهـ

واعلم أنه على افتراض أن الخلاف في حلق اللحية معتبر - وهو ليس كذلك -؛ فإن عدم الإنكار على حالقها لا يعني عدم البيان له أن القول الراجح هو المنع والتحريم، فقد جاء في الموسوعة الفقهية وغيرها: وإذا كان الخلاف معتبرا فليس معنى عدم الإنكار على صاحبه ترك البيان له من عالم يرى مرجوحية فعله. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني