الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إيقاع الطلاق وتوثيقه وتوكيل الغير بالتوثيق

السؤال

أنا عربي مقيم بالسعودية وأريد أن أطلق زوجتي المقيمة خارج السعودية وأريد أن أعرف كيف أستطيع أن أطلق زوجتي طلاقا نهائيا من غير أن أذهب للمحكمة بالسعودية، وما شروط وضوابط ذلك بحكم عملي المتواصل خارج المدينة وعدم قدرتي للذهاب للمحكمة، فأرجو إفادتي بذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنذكرك أولاً بأن الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله سبحانه، وإنما كان كذلك لما يشتمل عليه من المفاسد التي منها تفريق الأسرة وتشتيت شملها وتضييع الأولاد إن وجدوا مع ما يتضمنه من إضاعة المال وغير ذلك، فإن لم يكن هناك سبب معتبر قوي لطلاق زوجتك فإنا نوصيك بإمساكها والصبر عليها، فإن الشرع قد ندب إلى إمساك المرأة حتى مع كراهتها، فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

قال ابن العربي عند تفسيره لهذه الآية: المعنى إن وجد الرجل في زوجته كراهية وعنها رغبة ومنها نفرة من غير فاحشة ولا نشوز فليصبر على أذاها وقلة إنصافها فربما كان ذلك خيراً له. انتهى.

وقال ابن الجوزي في هذه الآية: وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوده الصلاح فرب مكروه عاد محموداً ومحمود عاد مذموماً، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه مكروه فليصبر على ما يكره لما يحب. انتهى.

وقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر.

ومما يذكر هنا أن رجلاً جاء إلى عمر يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها، فقال له عمر: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟ والتذمم هو الإحسان إلى من يذم بترك الإحسان إليه، وقال عمر أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال...

أما إن كنت قد عزمت على الطلاق أو كان هناك ما يدعوك إليه فاعلم أن الطلاق السني المشروع هو أن يطلق الرجل زوجته وهي حامل أو يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، ويكفي في ذلك أن يتلفظ بكلمة الطلاق بأن يقول لها، أنت طالق، ولا يشترط لوقوعه توثيق عند المحكمة ولا الإشهاد عليه ولا علم المرأة به بل لو قال وهو في خلوة (طلقت زوجتي) فقد وقع الطلاق، لكن إذا أردت توثيقه وهذا هو الذي ينبغي لقطع النزاع وسد باب الخصام، فيمكنك أن توكل أحداً يوثقه عند المحكمة في بلدك الذي أنت فيه أو في بلد الزوجة، ولا يشترط لتوثيقه بل ولا لإيقاعه أصلاً مباشرتك أنت لذلك بل يصح التوكيل في التطليق وفي توثيقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني