الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كيف نحمي أنفسنا من الوقوع بالطيرة والتطير مثلا أحد الأشخاص في منتدى معين سمعته يقول بأن اللاعب س أتى إلى ذاك النادي وهو يشبه ذاك اللاعب ص وص كان موفقا معنا فلعل س يكون فألا حسنا وأيضا سمعت شخصا يقول بأن أحد اللاعبين قبل فترة من المباراة (تقريبا يوم...) هل كنت ترتدي هذا القميص عندما لعبنا تلك المباراة (التي فازوا بها.....) وعندما قال نعم ارتاح هذا الشخص من المباراة المقبلة فكيف نوفق بين هذا وبين موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال (فيما معناه ..) أتى سهيل سهل الله ...وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مما يحمي به العبد نفسه من التطير أن يستشعر أنه عادة جاهلية ذميمة، وقد حكم الشرع عليه بأنه شرك، فقد كان الجاهليون يتطيرون بالسوانح والبوارح، فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وتشاءموا بها. فكانت تصدهم عن كثير من مصالحهم. فنفى الشرع ذلك ونهى عنه وأبطله، وأخبر أنه من الشرك، وأمر من عرض له ذلك أن يتوكل على الله ويقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.

فقد وروى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا طيرة، ولا صفر.

وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك. وحسنه الأرناؤوط.

وفي مسند البزار: من ردته الطيرة عن شيء فقد قارف الشرك. صححه الألباني في السلسلة.

وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطيرة شرك، الطيرة شرك.. ثلاثا وما منا إلا.. ولكن الله يذهبه بالتوكل. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

وأما التفاؤل فليس مذموما ولعل منه ما ذكر السائل في السؤال، ويدل لعدم ذمه ما في الحديث عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة. رواه ابن ماجه.

قال ابن بطال في شرح البخاري: كان النبي عليه السلام يستحب الاسم الحسن والفأل الصالح، وقد جعل الله في فطرة الناس محبة الكلمة الطيبة والفأل الصالح والأنس به، كما جعل فيهم الارتياح للبشرى والمنظر الأنيق، وقد يمر الرجل بالماء الصافي فيعجبه وهو لا يشربه، وبالروضة المنثورة فتسره وهي لا تنفعه...ونقل عن الخطابي انه قال: الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله تعالى، والطيرة وإنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه.

وقال الأصمعي: سألت ابن عون عن الفأل فقال: هو أن تكون مريضا فتسمع يا سالم، أو تكون باغيا فتسمع يا واجد. قال المؤلف: وكان النبي يسأل عن اسم الخيل والأرض والإنسان فإن كان حسنا سر بذلك واستبشر به وإن كان سيئا ساء ذلك. اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح:...وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال....اهـ.

ومن هنا تعلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء سهيل: قد سهل لكم من أمركم هو من الفأل وليس من الطيرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني