الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاقتراض بالربا للمكره

السؤال

سؤالي يا شيخنا الفاضل أحسن الله إليك ونفع بك هو كالآتي: أنا شاب تونسي عندي منزل في عمارة قديمة، في هذه الأيام قررت البلدية ترميم العمارة التي بها منزلي بقرض ربوي بفائض ضعيف، وأنا والحمد لله من أشد الناس بعداً واستنكاراً عن الربا بأنواعه، ولكن أجبرت البلدية الساكنين بهذا القرض، وفي حالة رفض أي ساكن بالانتفاع بهذا القرض، ستقوم البلدية بالترميم مع وضع يدها على البيت لمدة أعوام باستغلاله في أي شيء تريده، سؤالي لفضيلتكم هو: هل يجوز لي الانتفاع بهذا القرض مع العلم بأني كاره له ومستكره عليه لأني إذا لم أفعل ذلك ستأخذ البلدية بيتي لأعوام كثيرة، لا أعرف مدتها وربما بدون رجعة، فأفتونا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن القروض بفائدة هي الربا بعينه، سواء كانت الفائدة قليلة أو كثيرة، والربا من كبائر الذنوب فقد توعد الله أصحابه بحرب منه حين قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، وجاء لعن من له علاقة به على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.

والربا وإن اشتدت حرمته إلا أنه يجوز عند الضرورة التي توقع في هلاك أو مشقة بالغة، فقد قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ {الأنعام:119}..

وبناء على هذا، فإن كنت تخاف ضرراً من استيلاء البلدية على بيتك، ولم تجد وسيلة لمنعها من ذلك جاز لك الانتفاع بالقرض المذكور لأنك مكره على ذلك ومضطر إليه، وللأهمية في ذلك راجع الفتوى رقم: 24962.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني