الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سب الزوجة وإهانتها والتهديد المتكرر بطلاقها

السؤال

ما حكم الزوج الذي يطلب الطلاق بصفة متكررة بالتراضي من غير سبب مقنع، ويقوم بإهانة زوجته أمام عائلته بالرغم من أن الزوجة لا تريد الطلاق، بل المحافظة على بيتها، كما أنها متدينة، وتلبى متطلبات زوجها وتحترمه، وهو لا يرضى بها، ويحب الخروج مع النساء أي علاقات غير شرعية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسب المسلم وإهانته حرام، بل هو من كبائر الذنوب، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة التاسعة والثمانون والتسعون والحادية والتسعون بعد المائتين: سب المسلم والاستطالة في عرضه وتسبب الإنسان في لعن أو شتم والديه وإن لم يسبهما ولعنه مسلما. انتهى.

وسب المسلم من الخصال التي توجب الفسق لصاحبها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه..

قال النووي: واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام كما قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. انتهى.

ويزداد الإثم إذا وقع السب للزوجة لما لها من حق على الزوج زائد عن الحقوق الواجبة لعموم المسلمين، ولما جاء في القرآن والسنة من الأمر بمعاشرتها بالمعروف.

وليعلم ذلك الزوج أن الإسلام ما جاء إلا بإعزاز المرأة وإكرامها، وأن فقهاء الإسلام وعلماءه قد جعلوا ما يصدر من الرجل من أذى لزوجته مما هو أقل من ذلك يجيز لها طلب الطلاق، ولو حدث مرة واحدة لم يتكرر بعدها، بل ليس هذا فحسب، بل أوجبوا مع الطلاق التعزير البليغ الذي يردع من يسب زوجته ويهينها.

قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره. قال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.

لكن الطلاق ليس علاجا للمشاكل الزوجية ولا حلا لها، ولا ينبغي أن يلجأ إليه إلا إذا استحالت العشرة واستحكم الشقاق، فهو كالكي لا يكون إلا آخر الدواء. وقد أحسنت الزوجة برفضها لما يدعوها إليه زوجها من الطلاق، وننصحها بالصبر عليه وعدم إجابته إلى ذلك ومحاولة الصلح معه ومعرفة سبب نفوره، والأخذ بأسباب جذب شعوره وامتلاك عواطفه بإحسان التبعل والتجمل له؛ ليستغني عن الحرام ويتعفف بما أحل الله له، ولا يتبدل الخبيث بالطيب، وتبين له حرمة ذلك وبشاعته بأسلوب هين لين، وتلجأ إلى الله تعالى بالدعاء ليصلح حال زوجها ويهدي قلبه ويصرف عنه السوء والفحشاء.

وإن استعانت على ذلك بجلب كتيبات وأشرطة وما شابه ذلك تتحدث عن خطورة هذه المعاصي والكبائر، أو تدل عليه بعض أهل الصلاح والفضل ليدعوه إلى الخير ويحذروه من ذلك السبيل المنحرف ويبينوا له حقوق زوجته عليه، فذلك أولى وأفضل. وللفائدة ننصح بمراجعة الفتويين رقم: 21254، 55976.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني