الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف في الأجنة التي تم تشريحها

السؤال

أنا أعمل في مختبر فحص الأنسجة المرضية، وترد إلى هذا المختبر أحيانا أجنة ناتجة عن إجهاض بسبب أمراض معينة، لغرض الفحص والتشريح، لمعرفة سبب الإجهاض، وبعد الانتهاء من الفحص تبقى هذه الأجنة في المختبر في مادة حافظة تمنعها من التعفن والتحلل، مع العلم أننا اتصلنا بذوي هذه الأجنة ولم يأت أحد لاستلامها ودفنها، وبقيت محفوظة لدينا في أوعية لمدة طويلة تتجاوز أحيانا الخمس سنوات لبعضها، مع العلم أنه إذا تم دفنها فإنها لن تتحلل بفعل المادة الموضوعة عليها .
هل يجوز حرق هذه الأجنة لعدم إمكانية تحللها أو دفنها في عمق كبير خوفا من الكلاب الضالة أن تقوم بنبش هذه الحفر؟
وما الحكم الشرعي الواجب اتخاذه في هذه الحالة عند الدفن؟
وهل تجب الصلاة عليها عند الدفن، أو غسلها كما يفعل مع الأطفال المتوفين ؟
وجزاكم الله كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الجنين المحكوم بإسلامه إذا أتى عليه في بطن أمه أربعة أشهر ثم نزل ميتاً، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، على الراجح من أقوال أهل العلم، كما سبق بيانه في الفتويين: 7135، 11272، . وعليه فالواجب أن تدفن هذه الأجنة ولا تحرق، فإن حرمة الإنسان ميتا كحرمته حيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كسر عظم الميت ككسره حيا. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.

قال المناوي في التيسير: لأنه محترم بعد موته كاحترامه حال حياته، وأفاد أن حرمة المؤمن بعد موته باقية. اهـ.

وجاء في عون المعبود: يعني في الإثم، كما في رواية. قال الطيبي: إشارة إلى أنه لا يهان ميتا كما لا يهان حيا. قال ابن الملك: وإلى أن الميت يتألم. قال ابن حجر: ومن لازمه أنه يستلذ بما يستلذ به الحي انتهى.

وقد أخرج بن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته. قاله في المرقاة. اهـ.

وقال ابن عباس في جنازة أم المؤمنين ميمونة: إذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفقوا. متفق عليه.

قال ابن حجر في الفتح: ويستفاد منه أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته. اهـ.

وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45300، 3095، 53850.

وأما مسألة نبش الكلاب لهذه الأجنة، فعلاج ذلك بإعماق الحفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: احفروا وأعمقوا وأحسنوا. رواه النسائي وأبو داود وأحمد، وصححه الألباني. ولا يضر بعد ذلك كونها تحللت أو لم تتحلل.

والجنين الذي تم له في بطن أمه أربعة أشهر ثم نزل ميتاً ولم يُصَلَّ عليه، فصلوا أنتم عليه قبل دفنه بعد أن تغسلوه، فإن صلاة الجنازة فرض على الكفاية عند جمهور العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17132.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني