الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف أن زوجته وأولاده حرام عليه إن فعل كذا

السؤال

منذ أكثر من 10 سنوات وقع خلاف حاد بين والدي و شخص ما حول مبلغ من المال يدين به هذا الأخير لأبي مما أدى إلى شجار بينهما انتهى بحلف أبي يمينا أن زوجته و أولاده حرام عليه إن أعطى هذا الشخص جواز سفره قبل أن يسدد له المبلغ المتنازع عليه لكن الرجل رفض بشدة وصار يرابط في زاوية من الحي وكل يوم يطالب بجواز سفره مما أثار خوف أمي و جدتي حيث خشيتا أن يتفاقم الوضع و يولد عنفا أكثر قد يراق فيه دم أحدهما أي أبي و غريمه فذهبتا خلسة و دون إخبار والدي وأعطيتا جواز السفر لصاحبه وسلمتا مبلغا من المال لوالدي ادعتا كذبا أن الرجل هو من أحضره لفك النزاع. فما حكم اليمين التي حلفها والدي؟ وما حكم ما فعلته أمي و جدتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحلف بتحريم الزوجة اختلف فيه أهل العلم فذهب بعضهم إلى أنه يحمل على الظهار وبعضهم إلى أنه طلاق وبعضهم إلى أنه يمين، وفرق بعضهم بين ما إذا قصد به الطلاق أو الظهار أو اليمين، وانظر الفتوى رقم: 117743.

والذي نرجحه أنه يرجع إلى ما نواه، فإن أطلق ولم ينو شيئا فهو يمين لما روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس أنه كان يقول في الحرام يمين يكفرها. رواه مسلم، وراجع الفتوى رقم: 14259.

وأما تحريم الأولاد فلغو لا يترتب عليه شيء، قال خليل: وتحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو.

وأما عن سؤالك فإن ما يحصل به الحنث في هذه اليمين يرجع إلى ما قصده الحالف فإن كان قصد بها منع وصول الجواز للشخص الآخر بأي سبيل كان قبل أن يسدد ما عليه من الدين فقد حنث في يمينه بإعطائكم الجواز له، وأما إذا كان قصد أنه لا يعطيه الجواز بنفسه فلا يحنث بإعطاء غيره له.

قال المزني: ولو حلف لا تأخذ مالك علي فأجبره السلطان فأخذ منه المال حنث ولو قال لا أعطيك لم يحنث.

وأما إذا أطلق ولم ينو شيئا فيرجع إلى سبب اليمين وما هيجها وهو ما يعرف عند المالكية بالبساط، فإذا كان غرض الحالف بمنع وصول الجواز إلى الرجل هو تحصيل مبلغ الدين فإنه لم يحنث لأنه حصل على المبلغ، وأما إذا كان غرضه مجرد إعناته والإضرار به وإيذائه بمنع وصول الجواز فقد حنث في يمينه لفوات مقصوده من اليمين.

وأما عن حكم ما فعلته أمك وجدتك من إعطاء الجواز دون علم أبيك وإعطاء أبيك ما له عند هذا الشخص من مال والكذب عليه في ذلك فنرجو أن تثابا على ما قصدتاه من دفع مفسدة عظيمة يغلب على الظن وقوعها إذا لم يفعلا ذلك، وقد رخص الشرع في الكذب للإصلاح بين الناس كما يجوز للضرورة والمصحلة كما هو مبين في الفتوى رقم: 111035.

وننبه إلى أنه لا يجوز الحلف بغير الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أوليصمت.

وإذا لم يتضح لكم الحكم الشرعي مما بيناه لك فشافهوا أهل العلم في بلدكم بالسؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني