الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد جواباً عاجلاً عن هذا السؤال.
ما الفرق بين هاتين الصيغتين في البيع؟
شخص اشترى مبيعاً، وقال البائع له: أبيع لك هذا المبيع بخمسين جنيهاً، وذلك إذا دفعت ثمنه الآن. أما إذا أردت أن تقترضه إلى الشهر المقبل فادفع إليّ ستين جنيهاً؟ فقال البائع للمشترى: هذا المبيع إذا أردت أن تدفع ثمنه الآن فسأبيعه بخمسين جنيهاً، أما إذا أردت أن تدفع ثمنه في الشهر المقبل فسأبيعه بستين جنيهاً. أي هذين البيعين من الربا المحرم؟ فإن كان أحدهما أو كلاهما ربا، فما علة ذلك، نظراً إلى أن البيع بهاتين الصيغتين جار في بعض الأماكن في إندونيسيا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصيغة الأولى التي ذكرتها غير واضحة لنا تماماً، فإن كنت تقصد أن البائع يبيع السلعة بخمسين جنيهاً في الحال، ثم يخير المشتري في أن يقترض الخمسين جنيهاً التي دفعها ثمناً للسلعة على أن يردها الشهر المقبل ستين جنيهاً، فهذا العقد لا يجوز لاشتماله على محذورين:

الأول: الزيادة الربوية، لأن رد القرض بزيادة ربا محرم بالكتاب، والسنة، والإجماع.

قال ابن قدامة في المغني: وكل قرض شرط فيه أن يزيده, فهو حرام, بغير خلاف.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية, فأسلف على ذلك, أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب, وابن عباس, وابن مسعود, أنهم نهوا عن قرض جر منفعة، ولأنه عقد إرفاق وقربة, فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه. انتهى.

الثاني: اشتراط القرض عند عقد البيع، وهو غير جائز لورود النهي عنه.

قال ابن قدامة في المغني: ولو باعه بشرط أن يسلفه أو يقرضه, أو شرط المشتري ذلك عليه, فهو محرم والبيع باطل. وهذا مذهب مالك والشافعي ولا أعلم فيه خلافاً, إلا أن مالكاً قال: إن ترك مشترط السلفِ السلفَ صح البيع، ولنا ما روى عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن, وعن بيع ما لم يقبض, وعن بيعتين في بيعة, وعن شرطين في بيع، وعن بيع وسلف. أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وفي لفظ: لا يحل بيع وسلف، ولأنه اشترط عقدا في عقد فاسد كبيعتين في بيعة، ولأنه إذا اشترط القرض زاد في الثمن لأجله فتصير الزيادة في الثمن عوضاً عن القرض وربحاً له، وذلك ربا محرم ففسد كما لو صرح به. ولأنه بيع فاسد, فلا يعود صحيحاً كما لو باع درهما بدرهمين, ثم ترك أحدهما. انتهى.

أما الصورة الثانية، فيجب أن يتفق الطرفان فيها على طريقة الدفع قبل إبرام العقد، فإذا اتفقا على الدفع حالاً فهو بيع جائز بشروطه المعتبرة، وإذا اتفقا على التأجيل فهو من البيع بالتقسيط، وهو بيع جائز شرعاً، فإذا لم يتم الجزم بطريقة الدفع كان هذا البيع غير جائز، وهو من باب بيعتين في بيعة واحدة المنهي عنه، ففي سنن أبي داود والترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا.

جاء في عون المعبود: وتفسير ما نهى عنه من بيعتين في بيعة على وجهين: أحدهما أن يقول بعتك هذا الثوب نقدا بعشرة أو نسيئة بخمسة عشر، فهذا لا يجوز لأنه لا يدري أيهما الثمن الذي يختاره منهما فيقع به العقد؟ وإذا جهل الثمن بطل البيع. انتهى.

كما يشترط لصحة بيع التقسيط أن تكون العين المباعة مباحة، وأن تكون من مالكها أو وكيله، وأن تكون الأقساط معلومة غير قابل للزيادة إن تأخر السداد، وأن يكون الأجل مسمى.

ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية: 1084، 4243، 16860، 49700.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني