الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاةُ الزَّرْعِ الوَاحِدِ إذا اجتَمَع فِيه السَّقْيُ بِمَاءِ السَّمَاءِ والآلَة

السؤال

هل في الفول المسقي زكاة ؟
هل في الجلبان الذي سقي بعد أن توقف المطر زكاة المسقي أم زكاة الغير المسقي ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالفولُ من الأصناف الزكوية عند عامة العلماء، فمذهبُ الحنفية أن الزكاة تجبُ في الخارج من الأرض مطلقاً، ومذهب الشافعية والمالكية أن الزكاة تجبُ في المقتات المدخر والفول كذلك، ومذهبُ الحنابلة أن الزكاة تجبُ في المكيلات والفولُ منها.

فالفولُ إذاً من الأصناف الزكوية عند الأئمة الأربعة، وفيه الزكاة وهي العشرُ إن كان يُسقى بلا كلفة، ونصف العشر إن كان يُسقى بها.

كما أن الجُلبان تجبُ فيه الزكاة أيضاً، وهي العشر، أو نصفه على التفصيل المذكور، وإن كان قد سُقيَ بالمطر، ثم توقف المطر وسقيَ بالآلة فإن تساوى السقيان، ففيه ثلاثة أرباع العشر على الأصح، وقيلَ بل فيه العشر كاملاً، وإن كان أحد السقيين أغلب فإنه يُعتبرُ بقسطه وحصته على الأصح، وقيلَ بل يُعتبرُ بالأغلب منهما.

وقد فصل النووي رحمه الله هذه المسألة في شرح المهذب، فقال ما عبارته: إذَا اجْتَمَعَ فِي الشَّجَرِ الوَاحِدِ ، أَوْ الزَّرْعِ الوَاحِدِ السَّقْيُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّوَاضِحِ، فَلهُ حَالانِ أحدهما:

أَنْ يَزْرَعَ عَازِمًا عَلى السَّقْيِ بِهِمَا، فَيَنْظُرُ إنْ كَانَ نِصْفُ السَّقْيِ بِهَذَا وَنِصْفُهُ بِذَلكَ، فَطَرِيقَانِ- أصحهما، وَبِهِ قَطَعَ المُصَنِّفُ وَالجُمْهُورُ مِنْ الطَّرِيقِينَ- يَجِبُ ثَلاثَةُ أَرْبَاعِ العُشْرِ. والثاني: حَكَاهُ إمَامُ الحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ العُشْرُ بِكَمَالهِ عَلى قَوْلنَا فِيمَا إذَا تَفَاضَلا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الأَغْلبُ، وَعَللوهُ بِأَنَّهُ أَرْفَقُ للمَسَاكِينِ، وَالمَذْهَبُ الأَوَّل وَدَليلهُ فِي الكِتَابِ، فَإِنْ سُقِيَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرُ فَقَوْلانِ مَشْهُورَانِ. ذَكَرَ المُصَنِّفُ دَليلهُمَا، أصحهما: عِنْدَ الأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- أَيْضًا فِي المُخْتَصَرِ: يُقَسَّطُ الوَاجِبُ عَليْهِمَا.

والثاني: يُعْتَبَرُ الأَغْلبُ. فَإِنْ قُلنَا بِالتَّقْسِيطِ وَكَانَ ثُلثَا السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالثُّلثُ بِالنَّضْحِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ العُشْرِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَثَلاثَةُ أَرْبَاعِ العُشْرِ، وَإِنْ قُلنَا بِالأَغْلبِ، فَزَادَ السَّقْيُ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَدْنَى زِيَادَةٍ وَجَبَ العُشْرُ، وَإِنْ زَادَ الآخَرُ أَدْنَى زِيَادَةٍ وَجَبَ نِصْفُ العُشْرِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني