الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القيء بين النجاسة والطهارة

السؤال

لدي طفلة عمها 8 أشهر، ومنذ ولادتها وإلى الآن وهي تتقيأ وفي كل مكان، لأنها تزحف، فهل كل الارض تصبح نجسة، وأقدامنا دائما نجسة لأننا ندوس على الأرض؟ وتتقيأ على ملابسي وملابسها، ومن الصعب علي كلما تقيأت أن أغير ملابسها وملابسي، وغسل مكان القيء من جسمي، وأقوم بمسكها وقدتكون يداي مبتلاتان، وأمسك شعري وأجزاءا من جسمي فأصبح كلي نجسة، وعلي كل صلاة أن أغتسل وأمسك أشياء أخرى، وغيري يمسك هذه الاشياء، وقد تكون أيدينا مبتلة.فهل كل شي قد تنجس؟
وكلما وضعنا هذه الصغيرة في حجرنا تنجسنا منها، لأن القيء قد لوث ملابسها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك إلى أن الواجب في النجاسة إزالتها، وليس الاغتسال عند كل صلاة. ثم اعلمي أن القيء إذا تغير عن صفة الطعام كان نجسا عند عامة أهل العلم ونقله النووي إجماعا، وأما إن لم يتغير فذهب أنه نجس كذلك، وذهب المالكية إلى التفريق بين أن يكون القيء متغيرا قد طبخته المعدة فيكون نجسا، وأن يكون غير متغير فيكون طاهرا, وهذا القول وجيه جدا، ولا بأس في الأخذ به وبخاصة في حال المشقة الظاهرة.

جاء في الموسوعة الفقهية: اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته . فيقول الحنفية والشافعية والحنابلة بنجاسته ولكل منهم تفصيله, وبذلك يقول المالكية في المتغير عن حال الطعام ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة. انتهى.

وعلى هذا فالأمر يسير- إن شاء الله- فما كان من قيء طفلتك غير متغير حكمنا بطهارته, وعلى مذهب الجمهور من عدم الفرق، والحكم بنجاسة القيء مطلقا، فليس التحرز منه بهذه الدرجة من الصعوبة، إذ يمكنك أن تتخذي ثيابا خاصة بالصلاة، وفراشا خاصاً بالصلاة، فإذا حضرت الصلاة لم يكن ثم مشكلة. وتغسلين ما تتيقنين أنه أصابك من هذا القيء، وأما اليسير من القيء مما قد يعلق بالثياب، أو اليد ونحو ذلك مما يشق التحرز منه، فقد نص كثيرٌ من الفقهاء على أنه معفوٌ عنه، وهذه قاعدة الشريعة في التيسير ورفع الحرج.

قال ابن القيم في تحفة المودود: ريق المولود ولعابه من المسائل التي تعم بها البلوى، وقد علم الشارع أن الطفل يقيء كثيراً، ولا يمكن غسل فمه، ولا يزال ريقه يسيل على من يربيه، ولم يأمر الشارع بغسل الثياب من ذلك، ولا منع من الصلاة فيها، ولا أمر بالتحرز من ريق الطفل، فقالت طائفة من الفقهاء: هذا من النجاسة التي يعفى عنها للمشقة والحاجة كطين الشوارع، والنجاسة بعد الاستجمار، ونجاسة أسفل الخف والحذاء بعد دلكهما بالأرض. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني