الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموالاة على أساس الإيمان

السؤال

إخواني الكرام أريد أن أشارككم تبيين معنى الكلمة التي وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :ألا إن آل أبي -يعني فلانا- ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله والمؤمنين، ولكن لهم رحما أبلها ببلالها.
أبلها ببلالها يعني أربى هذه الرحمة وهي رحمة المؤمنين بأعمالهم لأن المؤمن لا يصير ولي الله إلا بأعمال تقرب بها إلى الله، إذا الولي يصبح وليا بالأعمال، والمؤمن يصبح مؤمنا بأن يعلم وجود الله ويؤدي الفرئض، قال سبحانه: ألا إن أولياء الله المؤمنين. يعني إن علمت وآمنت و تبعتها بالعمل وأكثرت فقد صار العبد ولي الله، والولي له منزلة و كرامة عظيمة عند الله، و في حديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إن لأولياء الله كراسي من نور تغار منهم الأنبياء و الرسل.وأقول قولي هذا و أستغفر الله العلي العظيم لي و لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنشكر للمرسل الكريم حرصه على نشر الخير وبذل النصح، وإن كنا ننبهه على أن غير هذا المكان أولى بجهده هذا، فنحن هنا معنيون بأمر آخر، وهو بيان أحكام الشريعة وإجابة فتاوى المستفتين.

وأما الحديث الذي ذكره الأخ الكريم فرواه البخاري بلفظ: إن آل أبي ـ يعني فلانا ـ ليسوا بأوليائي، إنما وليي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلاها. يعني أصلها بصلتها. رواه البخاري.

وعن أبي هريرة قال: لما أنزلت هذه الآية:وأنذر عشيرتك الأقربين. دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال: يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لكم من الله شيئا، غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

قال ابن حجر: ظاهر الحديث أن من كان غير صالح في أعمال الدين دخل في النفي أيضا لتقييده الولاية بقوله: وصالح المؤمنين. وقد وقع في شرح المشكاة: المعنى أني لا أوالي أحدا بالقرابة، وإنما أحب الله تعالى لما له من الحق الواجب على العباد، وأحب صالح المؤمنين لوجه الله تعالى، وأوالي من أوالي بالإيمان والصلاح، سواء كان من ذوي رحم أو لا، ولكن أرعى لذوي الرحم حقهم لصلة الرحم. وهو كلام منقح. اهـ.

وأما الحديث الذي ختمت به الرسالة فلم نجده باللفظ المذكور، وقد روى أبو مالك الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وقربهم من الله. فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله! انعتهم لنا، جلِّهم لنا. فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. قال المنذري: رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن والحاكم وقال: صحيح الإسناد انتهـى. وصححه الألباني لغيره .

وقد سبق لنا بيان االمفهوم الشرعي لكلمة -ولي الله- وطريق تحصيل هذه الولاية، وبيان الفرق بين الولي ومدعي الولاية، والمفاهيم الباطلة حول الولاية، وذلك في الفتوى رقم: 4445.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني