الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هو حكم حمد الله بعد العطاس وتشميت العاطس في شريعة الإسلام ؟
هل هذا العمل مشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم، أم هو سنة قديمة مشروعة عن الأنبياء الآخرين من قبله، والنبي صلى الله عليه وسلم أقره في الشريعة الإسلامية الأخيرة وصوبه فحسب ، كما يستفاد من كلمة "تشميت" التي كانت توجد وتستعمل في اللغة العربية من قديم ؟
وهل اتفق علماء المسلمين على شرعية تشميت العاطس خلفاً وسلفاً ، أم هناك اختلاف بين الفقهاء في مشروعيته أو درجة حكمه ؟
هل يثبت هذا العمل عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الإجماع أم بطريق الآحاد ؟
وهل يوجد في هذه المسألة كتاب شامل في مراجع العلم الإسلامي أو أطروحة معاصرة لأستفيد منها ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حكم حمد العاطس لله تعالى: الاستحباب والندب، وتشميته واجب على كل من سمعه، وقيل: واجب على الكفاية. جاء في صحيح البخاري: .... فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله. وفي الصحيحين: إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله .. الحديث.

كما قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة مع شرحه: ومن عطس خَارِجَ الصَّلَاةِ فليقل ندبا الحمد الله، وعلى من سمعه يحمد الله أن يقول له يرحمك الله، إنْ كَانَ مُسْلِمًا وُجُوبًا عَلَى الْكِفَايَةِ، وقيل : إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ لحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ ..حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ يَقُولُ لَهُ : يَرْحَمُك اللَّهُ، ويرد العاطس عليه يغفر الله لنا ولكم، أو يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم. اهـ ، وقال النووي في روضة الطالبين: وأما العاطس فيسن له أن يقول الحمد لله. اهـ

والظاهر -والله أعلم- أنه من هدي الأنبياء السابقين، فقد روى النسائي وعبد الرزاق وغيرهما بألفاظ متقاربة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له فجلس فعطس فقال الحمد لله، فقال له ربه يرحمك الله .. ائت أولئك الملائكة فقل السلام عليكم فأتاهم فقال السلام عليكم فقالوا له وعليك السلام ورحمة الله ثم رجع إلى ربه تعالى فقال له هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير بلفظ: لما نفخ في آدم الروح مارت وطارت فصارت في رأسه فعطس فقال الحمد لله رب العالمين فقال الله يرحمك الله.

وعلى كل حال فمشروعيته متفق عليها بين أهل العلم، وإن اختلفت درجات هذه المشروعية عندهم.

وأما ثبوت هذا العمل (حمد العاطس وتشميته ) عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك فيه ؛ فقد تناقلته الأجيال عمليا خلفا عن سلف، وقد وردت فيه أحاديث ويمكن أن تصل إلى درجة التواتر المعنوي.

ولم نقف على كتاب خاص بهذا الموضوع ، ولكننا قد أصدرنا عددا من الفتاوى في هذا الموضوع وبإمكانك أن تطلع على بعضها تحت الأرقام التالية وما أحيل عليه فيها: 51339 ، 49098 ، 115407 ، 9072 .

وننصحك أن تصرف همتك في تحقيق يفيد أكثر، فإن أغلب هذه التفاصيل لا ينبني على معرفتها عمل، وتكفي معرفة مشروعية هذا الأمر، ولا يحتاج إلى أن يكون الاجماع حاصلا على كل تفاصيله، ولا أن يكون ورد فيه خبر متواتر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني