الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لقد خطبت فتاة واتفقت مع والدها أن نتم العرس بعد الدراسة, وذلك لأنني أعمل بدولة عربية, ووالدها يريدها أن تتم دراستها, ولكن الذي تأكدت منه أنني لو وجدت عملا ببلدي فلن يكون هناك مانع من الزواج, ولكني متردد بين العقل والعاطفة, أي بين مرتبي في البلد العربي الذي لن أحصل عليه في بلدي, وبين أن أتزوج وأعف نفسي وأكون أيضا بجانب أهلي, مع العلم أن لي 13 سنة مغترب ما بين دراسة وعمل، وعمري الآن 27 ولكني أنزل إجازات, وضقت ذرعا شديدا بالغربة وأحاول أن أستمر في العمل ولكني تعبان نفسيا, فأشيروا علي بالله عليكم، وما خاب من استشار؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ننصحك به هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إليه في قوله: يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.

ففي الزواج بركة وتعفف عن الحرام واستقرار نفسي، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. {الروم:21}.

وهو كذلك من أسباب الغنى وحصول الرزق، قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. {النور: 32}.

وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.

وأخرج أيضا بسنده عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.

وذكر ابن كثير في تفسيره: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.

وأخرج عبد الرزاق، وذكره القرطبي في تفسيره: أن عمر رضي الله عنه قال: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.

وكل ذلك معلق بمشئية الله تعالى كما قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:28}، فليس كل من تزوج اغتنى بالضرورة.

فبادر أيها الأخ الكريم إلى الزواج ما دمت تستطيعه، ولا تكن الغربة عائقا لك دون ذلك، وما تجده من راتب في بلدك إن كان أقل من غيره في الغربة فإن البركة والاستقرار النفسي والتعفف عن الحرام ونحوها مما تكسبه في الزواج يعوضك ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني