الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يفعله المسبوق إذا فاته شيءٌ من صلاته

السؤال

كيفية الصلاة الفائتة لمن فاتته ركعة أو ركعتين، أو ثلاثة أو أربعة في كل الصلوات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يفعله المسبوق إذا فاته شيءٌ من صلاته، فأمر صلى الله عليه وسلم بأن يتابع الإمام على حالته التي هو عليها، ولا يعتد بالركعة التي لم يدرك ركوعها، ثم يتم ما فاته من الصلاة بعد سلام إمامه، فعن أبي قتادة قال‏:‏ ‏‏بينما نحن نصلي مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذ سمع جلبة رجال فلما صلى قال‏:‏ ما شأنكم؟ قالوا‏:‏ استعجلنا إلى الصلاة. قال‏:‏ فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا‏‏‏.‏ متفق عليه‏.‏

وعن أبي هريرة‏ ‏‏عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا‏‏‏.‏ رواه الجماعة إلا الترمذي‏.‏ ولفظ النسائي وأحمد في رواية‏:‏ ‏‏فاقضوا‏.‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏‏إذا ثوب بالصلاة فلا يسعى إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار فصل ما أدركت واقض ما سبقك‏.‏

وبناءً على اختلاف الألفاظ ففي بعضها فأتموا وفي بعضها فاقضوا، اختلف أهل العلم، هل ما يدركه المسبوق أول صلاته أو آخرها، والراجحُ أنه أولها، وانظر الفتويين: 6182، 19967.

وعليه، فإن من فاتته ركعة مع الإمام، فإنه يقضيها بعد تسليم إمامه، ولا يجهر بالقراءة إذا كانت الصلاة جهرية، لأنها آخر صلاته، وهل يقرأ السورة بعد الفاتحة أو لا؟

الجمهور على أنه يقضي القراءة بعد الفاتحة، والقياس أن القراءة بعد الفاتحة لا تقضى، قال الشوكاني في نيل الأوطار نقلاً عن الحافظ: وقد عمل بمقتضى اللفظين أي: فاقضوا، وأتموا، الجمهور، فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية، لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكان الحجة فيه قول علي عليه السلام‏:‏ ‏‏ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن‏‏. أخرجه البيهقي‏.‏ وعن إسحاق والمزني: أنه لا يقرأ إلا أم القرآن فقط، قال الحافظ‏:‏ وهو القياس‏.‏ انتهى.

ومن فاته مع الإمام ركعتان فإنه يقضيهما بعد سلامه، وإن كانت الصلاة رباعية صلاهما على صفة الثالثة والرابعة دون جهر، وفي قراءة السورة الخلاف المتقدم، وإن كانت ثلاثية استحبَ له الجهر في أولى المقضيات لأنها الثانية في حقه، وكذا قراءة السورة بعد الفاتحة، ويجلس فيها للتشهد الأوسط، ثم يصلي الثالثة على الصفة المتقدمة، ومن فاته مع الإمام ثلاث ركعات في صلاةٍ رباعية فإنه يأتي بأولى المقضيات على الصفة المذكورة سابقاً لأنها الثانية في حقه، ويجلس فيها للتشهد ثم يقوم فيأتي بالركعتين اللتين بقيتا، وإن فاتته الركعات الثلاث في صلاة المغرب فإنه يأتي بها بعد سلام الإمام على هيئتها المعروفة، ومن فاته مع الإمام الركعات الأربع، فإنه يأتي بالصلاة بعد سلام الإمام على هيئتها المعروفة، فيصلي الركعتين الأوليين على صفتهما من الجهر في العشاء، والإتيان بالسورة بعد الفاتحة، ثم يجلس للتشهد الأوسط ثم يتم بقية صلاته. وهل يكون مدركاً للجماعة بذلك أو لا؟، الراجح أنه لا يكون مدركاً للجماعة بذلك وإن أدرك فضلها بنيته وهو مذهب مالك رحمه الله، وانظر الفتوى رقم: 24228.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني