الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يطيع والده ويؤجل ختان ولده ولا يحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة

السؤال

والدي يرفض أن أحلق لابني شعره في اليوم السابع لأتصدق بوزنه ورقاً من باب الإستحباب، لأسباب واهية، ولا يعتبر ذلك من قبيل السنة بل مجرد أشياء اخترعها المسلمون، وكذلك لا يريد أن أحلق له نهائياً، كما يرفض ختانه في اليوم السابع..! ربما كان ذلك خوفاً من السحر لأن ابني موجود عند أهل زوجتي، ولا يريد أن يستأثروا بكل الأفعال المستحبة في السنة، وعندما جادلته لأقنعه بأنها سنة مستحبة قال لي إنك لا تطيع والديك ولا تستشيرهم في شيء، فأنا الأن حائر ماذا أفعل خاصة أن والدي صعب مناقشته ولا يقتنع نهائياً؟ أرشدوني جزاكم الله خيراً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحلق شعر المولود يوم السابع والتصدق بوزنه فضة من الأمور المستحبة عند جمهور الفقهاء، وقد ذكرنا هذا بأدلته في الفتوى رقم: 3182.

وأما ختانه يوم السابع فليس من السنن بل من الأمور الجائزة، قال ابن المنذر: ليس في باب الختان نهي يثبت، ولا لوقته حد يرجع إليه، ولا سنة تتبع، والأشياء على الإباحة، ولا يجوز حظر شيء منها إلا بحجة. انتهى.

ولم يثبت تحديد وقت للختان في السنة الصحيحة، وإنما استحب بعض العلماء ختانه يوم السابع ليكون أيسر على المولود، وراجع في وقت الختان وما قيل فيه الفتويين: 1960، 63370.

وبناء على ذلك نقول: أما الختان في السابع فهو جائز، وطاعة والدك وبره واجبة، فأطع أباك وأخره حتى يشارك معك فيه ويحدد وقته عن طيب نفس، وأما عن الحلق يوم السابع فهو سنة كما سبق وليس من قبيل العادات، ولكن طاعة الوالد في غير معصية الله واجبة، وعصيانه عقوق، فلا تقدم المستحب على الواجب، وهذا هو الاصل. ولكن لو منع الوالد ولده من أمر مستحب وليس للوالد غرض صحيح في منعه فإنه لا حرج على الابن في مخالفة أبيه، كما فصلناه في الفتوى رقم: 76303.

ومع هذا نقول لك: ما دام الأمر سنة ونفس والدك لا تطيب بهذا الفعل فلا تحلق لابنك رأسه، واحتسب في هذا امتثال أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في بر والدك وطاعته، فإن الوالد منزلته يجب أن تكون عظيمة عند ابنه، وتطييب نفسه وخاطره من الأمور الجليلة التي قد لا تدانيها سنة من السنن غير الواجبة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث صحيح. وصححه الألباني.

ومعنى قوله كما في تحفة الأحوذي: الوالد أوسط أبواب الجنة. أي خير الأبواب وأعلاها، والمعنى أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد ومراعاة جانبه، وقيل: إن للجنة أبواباً وأحسنها دخولاً أوسطها، وإن سبب دخول ذلك الباب الأوسط هو محافظة حقوق الوالد. انتهى.

فالمراد بالوالد الجنس، أو إذا كان حكم الوالد هذا فحكم الوالدة أقوى وبالاعتبار أولى، ولا مانع من التصدق بما يزنه شعر المولود عادة بعد تقديرك له دون حلق، لأن حلق الشعر والتصدق بزنته كل منهما سنة، فإذا لم تفعل واحدة منهما فلا مانع من فعل الأخرى، كما بينا هذا في الفتوى رقم: 9399، وبهذا تجمع بين طاعة والدك وفعل ما استطعت من السنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني