الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية اتخاذ المنارات للمساجد

السؤال

بعض الناس لا يبنون منارة للمسجد، ويحتجون بأن الرسول صلى اله عليه وسلم لم يبن منارة. فكيف تردون عليهم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبن المنارة للمسجد قول صحيح، فإنه لا يوجد ما يدل على أن المنائر كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس وجود المنارة شرطاً في المسجد، بل المسجد يكونُ مسجداً ولو لم تبنَ له المنارة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 108907، وليس معنى هذا أن اتخاذ المنارة لا يشرع، بل قد ذهب إلى مشروعية بنائها كثيرٌ من أهل العلم بناءً على ما في اتخاذها من المصلحة بصعود المؤذن عليها للتأذين، وقد ثبتت مشروعية التأذين على المكان المرتفع من فعل بلال رضي الله عنه.

قال في المغني: ويستحب أن يؤذن على شيء مرتفع ليكون أبلغ لتأدية صوته، وقد روى أبو داود، عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت : كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر، فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر فإذا رآه تمطى، ثم قال : اللهم إني أستعينك وأستعديك على قريش، أن يقيموا دينك . قالت: ثم يؤذن. انتهى.

وقد أشار الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في كتابه مصباح الظلام إلى وجود الخلاف في استحباب المنارة وعبارته: ليس وجود المنار شرطا في الإسلام ولا واجبا، وفي استحبابه نزاع، لعدم وجوده في عهده صلى الله عليه وسلم، وكان المؤذن يتحرى أعلا المسجد وسطحه ليحصل الإسماع. انتهى.

والظاهرُ أن المنارات كانت موجودة زمن الصحابة ويدل لذلك ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عبد الله بن شقيق قال: من السنة الأذان في المنارة والإقامة في المسجد. وكان ابن مسعود يفعله، وما رواه الإمام أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال: كان قيام النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما ينزل المؤذن من المنارة ويصل إلى الصف .
تراجم الأئمة على هذه الأحاديث وعلى أحاديث الأذان فوق سطح الكعبة، وفوق سطح بيت امرأة من بني النجار ونحوها تفيد إقرارهم بجواز أو استحباب اتخاذ المنائر من أجل التأذين فوقها فمن ذلك قول الإمام ابن أبي شيبة رحمه الله: المؤذن يؤذن على المواضع المرتفعة المنارة وغيرها. وقول الإمام أبي داود رحمه الله: باب الأذان فوق المنارة .وقول الإمام البيهقي رحمه الله: الأذان في المنارة .

وهذا كله يفيدُ مشروعية اتخاذ المنارات، وأن القول باستحبابها أقربُ من القول بعدم استحبابها، وانظر الفتويين رقم: 38845 ، 101524.

وعلى هذا فمن بنى المسجد وبنى له منارة، فقد أحسن ومن لم يبن له منارة فلا جُناح عليه، وبناء المسجد صحيح، وكلٌ على خير، والأمر واسعٌ -إن شاء الله- لا تثريب فيه ولا إنكار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني