الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول شيخ الإسلام ابن تيمية في رؤية الله تعالى في الدنيا

السؤال

ما هو الرد العلمي على من افترى على ابن تيمية أنه يقول برؤية الله فى الدنيا. والكلام فى الفتاوىوالمشاهدات التي تحصل للعبد فى اليقظة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الرد على هذه الفرية يتضح ببساطة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه، قال رحمه الله:

كل من ادعى أنه رأى ربه بعينيه قبل الموت فدعواه باطلة باتفاق أهل السنة والجماعة؛ لأنهم اتفقوا جميعهم على أن أحدا من المؤمنين لا يرى ربه بعيني رأسه حتى يموت، وثبت ذلك في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما ذكر الدجال قال: واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت.

وكذلك روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أخر يحذر أمته فتنة الدجال، وبين لهم أن أحدا منهم لن يرى ربه حتى يموت، فلا يظنن أحد أن هذا الدجال الذي رآه هو ربه.

ولكن الذي يقع لأهل حقائق الإيمان من المعرفة بالله، ويقين القلوب ومشاهدتها، وتجلياتها هو على مراتب كثيرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان، قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صورة متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق.

وقد يحصل لبعض الناس في اليقظة أيضا من الرؤيا نظير ما يحصل للنائم في المنام، فيرى بقلبه مثل ما يرى النائم، وقد يتجلى له من الحقائق ما يشهده بقلبه، فهذا كله يقع في الدنيا.

وربما غلب أحدهم ما يشهده قلبه وتجمعه حواسه، فيظن أنه رأى ذلك بعيني رأسه حتى يستيقظ فيعلم أنه منام، وربما علم في المنام أنه منام.

فهكذا من العباد من يحصل له مشاهدة قلبية تغلب عليه حتى تفنيه عن الشعور بحواسه فيظنها رؤية بعينه، وهو غالط في ذلك، وكل من قال من العباد المتقدمين أو المتأخرين أنه رأى ربه بعيني رأسه فهو غالط في ذلك بإجماع أهل العلم والإيمان. ا.هـ مجموع الفتاوى

فظهر بما تقدم أن شيخ الإسلام رحمه الله ينفي وقوع الرؤية بالعين في الدنيا، ويبطل من ادعى وقوع ذلك.

أما الرؤيا في المنام فيقول شيخ الإسلام بجواز وقوعها، لكن حكمها غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق، ولذلك تختلف الرؤيا في المنام من شخص لآخر حسب إيمانه، مما يؤكد أن لها حكما يخالف رؤيا اليقظة.

وغاية ما قد يحدث في اليقظة أن يحصل للبعض مشاهدة قلبية نظير ما يراه النائم، فيرى بقلبه مثل ما يرى النائم، فيظنها رؤية بعينه. وهذا قد صرح شيخ الإسلام بتغليطه.

وعليه، فلا يصح أن ينسب إلى شيخ الإسلام القول برؤية الله في اليقظة بعد ما تقدم من كلامه.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني