الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاستنجاء من البول باستعمال المناديل الورقية

السؤال

أنا أعاني من مشكلة تقض مضجعي، مشكلتي هي أنني دائماً وبعد أن أنتهي من التبول أمسح القبل بمحرمة جافة ثم أتوضأ، ولا أدري إن كان مسح العضو بمحرمة جافة كاف أم لا؟ وأخاف من أن تكون قطرة صغيرة قد نزلت في السروال الذي ألبسه فيصبح عندي وسوسة وأنا أصلي بأن في سروالي نجاسة، وقد تكون هذه الوسوسة غير صحيحة، فهل يصح أن يمسح الرجل قبله بمحرمة جافة أم عليه غسله أيضاً؟ فإن كان الغسل فإن ذلك شاق جداً ومتعب ويعطل الحياة العادية وخصوصاً لشخص لديه أعمال، فأنجدوني بارك الله فيكم وجعل ذلك في ميزان حسناتكم إن شاء الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ديننا الحنيف مبني على اليسر ورفع الحرج، ومن مظاهر اليسر في شريعتنا الغراء الترخيص في الاستجمار لإزالة الخارج من السبيلين القبل والدبر، فالاستنجاء بالماء غير واجب وإن كان هو الأولى والأفضل، فيجوز العدول عنه إلى الاستجمار بالحجارة وما في معناها من كل جامد طاهر قالع لعين النجاسة غير محترم، وذلك كالمناديل وقطع القماش ونحو ذلك. قال ابن قدامة في المغني:

وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل، لما روينا من الحديث، ولأنه يطهر المحل ويزيل العين والأثر وهو أبلغ في التنظيف. وإن اقتصر على الحجر أجزأه بغير خلاف بين أهل العلم، لما ذكرنا من الأخبار ولإجماع الصحابة رضي الله عنهم. انتهى.

وقال الشيرازي في المهذب:

فإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل، لأنه أبلغ في الإنقاء، وإن أراد الاقتصار على الحجر جاز. ولأنه قد يبتلى بالخارج في مواضع لا يلحق الماء فيها، فسقط وجوبه. انتهى بتصرف.

وقال الشيخ العثيمين:

نعم، يجزئ في الاستجمار استعمال المناديل، ولا بأس به، لأن المقصود من الاستجمار هو إزالة النجاسة سواء ذلك بالمناديل أو الخرق أو بالتراب أو بالأحجار، إلا إنه لا يجوز أن يستجمر الإنسان بما نهى الشرع عنه، مثل العظام والروث. انتهى.

وشرط الاستجمار أن يمسح بالحجارة أو ما في معناها محل النجاسة ثلاث مسحات، وإن أنقى بما دونها وجب عليه تكميل الثلاث، وإن لم ينق بالثلاث كمل المسح حتى ينقي المحل، ويستحب له أن يقطع على وتر، قال الشيرازي في المهذب:

وإن أراد الاقتصار على الحجر لزمه أمران: أحدهما: أن يزيل العين حتى لا يبقى إلا أثر لاصق لا يزيله إلا الماء، والثاني: أن يستوفي ثلاث مسحات لما روي أن رجلاً قال لسلمان رضي الله عنه: أنه علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ قال: أجل نهانا أن نجتزئ بأقل من ثلاثة أحجار. فإن استنجى بحجر له ثلاثة أحرف أجزأه لأن القصد عدد المسحات وقد وجد ذلك. انتهى.

ودليل استحباب القطع على وتر قول النبي صلى الله عليه وسلم: من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر. متفق عليه.

وبه تعلم أنه ليس عليك حرج إن شاء الله في الاستجمار من البول بالمناديل أو المناشف على أن تراعي ما ذكرناه من الضوابط.

وأما شكك في أن يكون قد خرج منك شيء من البول فلا تلتفت إليه ما دام شكاً لأ لا تفتح على نفسك باب الوسوسة، فإذا حصل عندك يقين بخروج شيء منك لزمك حينئذ أن تستنجي وتطهر ثوبك وتعيد الوضوء، أما مجرد الشك فلا يجب به شيء، وانظر لذلك الفتويين رقم: 104838، 118682.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني