الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كفر يأجوج ومأجوج والقول الراجح في عدة بعث النار

السؤال

سؤالي هو: هل يأجوج ومأجوج كلهم كفار ثم قد ذكر في حديث البخاري أن بعث النار من كل مائة تسعة وتسعون وفي حديث آخر من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون فذكر ابن حجر في فتح الباري للجمع بين الحديثين خمس أجوبة واحتمالات الثاني والأخير صعب لهول الأمر وشدته فما رأيكم في هذه الأجوبة وهل هي صحيحة، وهل هناك أجوبة أخرى لعلماء آخرين حول الجمع بين الحديثين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فظاهر الأدلة الشرعية أن قبيلتي يأجوج ومأجوج كلهم كفار، لأن ذمهم جاء ملطقاً دون استثاء، ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ {الكهف:94}، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب خروجهم شراً، كما في الحديث المتفق عليه: ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه.. وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها...

ومن عتوهم في الكفر أنهم عندما يخرجون آخر الزمان يستقون المياه ويفر الناس منهم فيرمون بسهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون: قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء قسوة وعلوا. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

وقال القاضي عياض: ورد في خبرهم أنه لا قدرة لأحد على قتالهم من كثرتهم، وأنهم يحصرون نبي الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين الذين نجوا من الدجال، فيدعو عليهم فيهلكهم الله عز وجل أجمعين بالنغف -وهو دود في رقابهم- فيؤذون الأرض والمؤمنين بنتنهم، فيدعو عيسى وأصحابه ربهم فيرسل الله طيراً فتحملهم حيث شاء الله. انتهى..

وقد سبق ذكر شيء عن يأجوج ومأجوج في الفتويين التاليتين: 27943، 12031.

وأما بالنسبة للجمع بين الحديثين المذكورين في السؤال فقد نقل ابن حجر عن الكرماني جوابه بأن مفهوم العدد لا اعتبار له، فالتخصيص بعدد لا يدل على نفي الزائد، والمقصود من العددين واحد وهو تقليل عدد المؤمنين وتكثير عدد الكافرين... ثم قال ابن حجر رحمه الله:

وقد فتح الله تعالى في ذلك بأجوبة أخر، وهي:

1) حمل حديث أبي سعيد ومن وافقه على جميع ذرية آدم فيكون من كل ألف واحد، وحمل حديث أبي هريرة ومن وافقه على من عدا يأجوج ومأجوج فيكون من كل ألف عشرة، ويقرب ذلك أن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة.

2) ويحتمل أن يكون الأول يتعلق بالخلق أجمعين والثاني بخصوص هذه الأمة، ويقربه قوله في حديث أبي هريرة: إذا أخذ منا . لكن في حديث ابن عباس: وإنما أمتي جزء من ألف جزء.

3) ويحتمل أن تقع القسمة مرتين مرة مرة من جميع الأمم قبل هذه الأمة فيكون من كل ألف واحد، ومرة من هذه الأمة فقط فيكون من كل ألف عشرة.

4) ويحتمل أن يكون المراد ببعث النار الكفار ومن يدخلها من العصاة فيكون من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كافراً ومن كل مائة تسعة وتسعون عاصياً. انتهى.

فظهر أن ما ذكره الحافظ ابن حجر في الأجوبة إنما ذكره على سبيل الاحتمال، وهو كما قال رحمه الله، وقد نقل عنه جماعة من أهل العلم منهم المباركفوري في تحفة الأحوذي، والقاري في مرقاة المفاتيح واستظهر الجواب الأخير فقال: وهذا هو الأظهر. انتهى.. وقد اقتصر العيني في عمدة القاري على جواب الكرماني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني