الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البيع مع تأجيل الثمن لأجل غير مسمى

السؤال

نرجو منكم أن تفيدونا مأجورين في هذه المسألة وهي :
لي ديون على الشركة التي أنا مساهم فيها نتيجة لتعاملي معها بالتوريد، وطالبتها بسداد الديون ولكن تتحجج بعدم وجود إمكانيات لديهم، فطرحت على مدير الشركة فكرة أن يتوسط لي لدى أحد المساهمين لتسليمي وحدات سكنية مقابل الديون وهو يقوم بمقاصة ثمنها مع المساهم -مالك العقارات-من الديون المستحقة عليه- لم تتم طرح هذه الفكرة على مالك العقارات- ولكن لن تتم هذه العملية بالشكل الرسمي أي يسلمني إيصالات استلام تفيد بسداد لقيم العقارات، أو تسليم صاحب العقارات بأنه قام بسداد الدين لمصلحة الشركة.
وبعد ذلك طلبت من مالك العقارات أن يبيع لي العقارات بالدين ووافق على ذلك بحيث أسدده متى استطعت ذلك. وبعد فترة زمنية أعطاني مدير الشركة تقريرا يفيد فيه بعمل مقاصة لديوني وأسهمي مقابل هذه العقارات، ونظرا لأن تقييمه لأسهمي كان بخسا جدا فلم أوافق على تقييم الأسهم، ولكن الدين إن قبل البائع فليس لدي مانع، ولكن حصلت تطورات داخل الشركة وقمنا باجتماع لمجلس إدارة الشركة الذي ضمني، ومدير الشركة، وصاحب العقارات، ومساهم رابع، وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على أن العقارات ليس لها علاقة بالديون وكذلك على تطوير الشركة، وذلك بإدارتها عن طريق رئيس مجلس الإدارة وليس المدير التنفيذي، وتم عقد عدة اجتماعات ما بين 2004 و 2005 ولكن نظرا للخلاف الشديد بين المدير التنفيذي وباقي مجلس الإدارة حيث يمثل المدير التنفيذي مع مساهمين من طرفه حوالي 34% وباقي أعضاء المجلس 66% من أسهم الشركة. والوصول لطريق مسدود اتفق على وضع لجنة من محاسبين لتقييم الشركة لكي يقوم أحد الطرفين بالشراء، وخلص التقرير بأن القيمة الدفترية للأسهم تساوي صفرا نظرا للديون التي على الشركة، وكذلك الديون المشكوك بتحصيلها والتي اعتبرها التقرير شبه معدومة، وكذلك القيمة الدفترية للأجهزة والمعدات تساوي صفرا، وطلبوا من المساهمين إعادة التقييم حسب القيمة السوقية للأجهزة والمعدات، والمقر، والشهرة وغيرها من الأمور التي تجعل للأسهم قيمة، ولكن لم يتم الاتفاق على شيء. واستمر الأمر بأن أدار المدير التنفيذي الشركة بطريقته وقام بفتح شركة جديدة باسم جديد، واستعمل الأجهزة والمعدات وكل متعلقات الشركة السابقة حتى اليوم دون الرجوع للمساهمين، ولم يأخذ موافقتهم على ذلك، وهو يتصرف بها على أنه المالك وذلك لأن الشركة ليس لها قيمة طبقا للتقرير المعد من قبل المحاسبين.
والآن عرض شخص التوسط بيننا لحل هذا الخلاف، وبعد المناقشة تبين أن الأخ مدير الشركة يطالبني بقيمة العقارات أي أنه يريد مني ديونا لمصلحة الشركة، ويريد مني سداد هذه القيمة له وليس لمالك العقارات الأصلي، علما بأنني حتى الآن لم أقم بتسجيلها رسميا لدى الجهات المختصة ويتطلب مني لهذا الغرض عقد بيع من المالك الأصلي.
- نأمل منكم أن تفيدونا مأجورين لمن نسدد قيمة العقارات؟ علما بأنني قمت بسداد جزء منها للمالك الأصلي.
- تصرفه في الشركة وهي تحت قبضة يده هل من حقنا مطالبته بأصل رأس مالنا بسبب تعديه أم لا وكيف يمكن الخروج من هذه المعضلة في حال رفضه الحلول؟
- هذا الأخ الوسيط بيني وبين شخص أخر يريد مني مبلغا من المال في حال طلبت منه تسليم المال له أكون أبرأت ذمتي لصاحب المال أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسائل التي فيها نزاع وخصام لا يرفع النازع فيها إلا القضاء الشرعي، ولذا ننصح السائل بالتحاكم إلى القاضي الشرعي، أو تحكيم شخص من أهل العلم ليقف على حقيقة المشكلة وتفاصيلها ويسمع من الأطراف جميعا.

ونحن نفيد السائل عموما أن المدير التفيذي للشركة يعتبر وكيلا عن المساهمين فإن تعدى حدود وكالته ضمن إن حصلت خسارة أو تلف بسبب تعديه.

وبالنسبة لموضوع شرائك العقارات إن كانت ملكا خالصا لمن سميته مالك العقارات فالواجب هو سداد الثمن إليه إن كان قد تم بينكما بيع صحيح، ولكن للعلماء في مسألة تأجيل الثمن إلى أجل غير مسمى قولان في صحة البيع: فيرى الحنفية والمالكية والشافعية، وهو رأي للحنابلة، أنه لا يصح العقد، وذلك لأنه أجل فاسد فأفسد العقد ؛ لأن المتعاقدين رضيا به مؤجلا إلى هذا الأجل، وإذا لم يصح الأجل، فالقول بصحته حالا يخالف إرادتهما وما تراضيا عليه، والبيع - ونحوه - يقوم على التراضي، فأفسد العقد. ويرى الحنابلة أن الأجل المجهول في البيع يفسد، ويصح البيع، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة حيث أبطل النبي صلى الله عليه وسلم الشرط ولم يبطل العقد. اهـ.

أما إذا كان الأجل معلوماً فإن البيع صحيح، وبفرض صحة البيع إذا أردت أن تحيل صاحب العقار بدينه على الشركة فذلك جائز بشروط الحوالة والتي سبق بيانها في فتوانا رقم: 111985.

والظاهر لنا من كلامك أنك لم تقم بحوالة صاحب العقارات، فالواجب عليك هو سداد ثمن العقارات لصاحب العقارات إن كان البيع صحيحاً.

أما دفع المال للوسيط هل يكون إبراءً لذمتك، فإن وكلت الوسيط في أداء الدين فلا تبرأ ذمتك بمجرد ذلك بلا بد من وصول المال لصاحب المال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني