الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعمال من عملها غفر له ما تقدم من ذنبه

السؤال

ماذا يفعل الإنسان حتى يغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ورد في بعض الأحاديث بيان أعمال تكفر عن فاعلها ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لكنها لا تخلو من ضعف أو مقال فيما نعلم.

لكن وردت أحاديث صحيحة تنص على أعمال يغفر لعاملها ما تقدم من ذنبه. فمن ذلك: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.

من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه

من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه

من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.

إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.

إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه. متفق عليه.

من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه الترمذي وابن ماجه.

من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. رواه مسلم.

لكن المراد في هذه الأحاديث تكفير الصغائر لا الكبائر، فالكبائر لا يكفرها إلا التوبة.

قال في تحفة الأحوذي:

قال القاضي عياض: هذا المذكور في الحديث من غفر الذنوب ما لم يؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما يكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله. وقال القارىء في المرقاة: إن الكبيرة لا يكفرها الصلاة والصوم وكذا الحج وإنما يكفرها التوبة الصحيحة لا غيرها، نقل ابن عبد البر الإجماع عليه بعد ما حكى في تمهيده عن بعض معاصريه أن الكبائر لا يكفرها غير التوبة. ثم قال: وهذا جهل وموافقة للمرجئة في قولهم: إنه لا يضر مع الإيمان ذنب. وهو مذهب باطل بإجماع الأمة. انتهى.

قال العلامة الشيخ محمد طاهر في مجمع البحار ما لفظه :

لا بد في حقوق الناس من القصاص ولو صغيرة وفي الكبائر من التوبة، ثم ورد وعد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان، فإذا تكرر يغفر بأولها الصغائر وبالبواقي يخفف عن الكبائر وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات. انتهى.

وعلى ذلك فأعظم أسباب المغفرة على الإطلاق التوبة النصوح. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ.{التحريم:8}.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه ابن حجر.

ولمعرفة شروط التوبة النصوح راجع الفتوى رقم: 1909.

ولمزيد بيان راجع كتاب معرفة الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة للإمام الحافظ ابن حجر. ولمزيد الفائدة عن أسباب مغفرة الذنوب راجع الفتوى رقم: 51247.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني