الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بناء قاعة لاستقبال المعزين

السؤال

حكم بناء قاعة للعزاء؟ علما أن المنطقة التي أعيش بها بحاجة ماسة إلى مثل هذه القاعة حيث إن أهل الميت في الأيام الثلاثة الأولى يستقبلون المعزين بالعشرات إن لم يكن بالمئات ولا يوجد أي بيت يتسع لمثل هذا العدد الهائل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فتعزية المسلم مشروعة مستحبة، وورد في فضلها حديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه ابن ماجه والبيهقي وحسنه الشيخ الألباني .

والتعزية تكون في أي مكان لقي المسلم فيه أخاه، وقد توفيت بعض من بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي ابنه إبراهيم ولم يعلم عنه أنه جلس في مكان محدد لمن يأتي يعزيه أو حدد وقتا لهذا، وكذلك لم يعرف هذا عن أحد من الصحابة، بل قد توفي الخلفاء الراشدون، وكانوا أفضل الصحابة ومكانتهم عالية فلم يحدث الصحابة مكانا يجتمعون فيه للعزاء، بل كان الصحابة يعدون الاجتماع بعد الدفن وصناعة الطعام من النياحة.

فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ. رواه الإمام أحمد وابن ماجه، وَ قال البوصيري فِي الزَّوَائِد: إِسْنَاده صَحِيح رِجَال الطَّرِيق الْأَوَّل عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ وَالثَّانِي عَلَى شَرْط مُسْلِم. وصححه أيضا الألباني.

قال السندي في شرحه لابن ماجه:" قَوْله ( كُنَّا نَرَى ) هَذَا بِمَنْزِلَةِ رِوَايَة إِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَوْ تَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الثَّانِي فَحِكْمَة الرَّفْع عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ حُجَّة ( وَصَنْعَة ) أَيْ الْأَهْل وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا عَكْس الْوَارِد إِذْ الْوَارِد أَنْ يَصْنَع النَّاس الطَّعَام لِأَهْلِ الْمَيِّت فَاجْتِمَاع النَّاس فِي بَيْتهمْ حَتَّى يَتَكَلَّفُوا لِأَجْلِهِمْ الطَّعَام قَلْب لِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرَ كَثِير مِنْ الْفُقَهَاء أَنَّ الضِّيَافَة لِأَهْلِ الْمَيِّت قَلْب لِلْمَعْقُولِ لِأَنَّ الضِّيَافَة حَقًّا أَنْ تَكُون لِلسُّرُورِ لَا لِلْحُزْنِ وَاَللَّه أَعْلَم" انتهى .

وبناء على ما سبق، فلا يشرع بناء قاعة للعزاء ، فهذا من المحدثات التي لو كانت خيرا لسبقنا إلى فعلها خير القرون، ومن يأتي للعزاء يعزي أهل الميت حيثما وجدهم في بيتهم أو مسجدهم أو سوقهم أو مكان عملهم ثم ينصرف فهذا هو المشروع.

وقد سبق أن ذكرنا أن الاجتماع لأهل الميت ممنوع من وجهين في الفتوى رقم: 31143 فراجعها،

وبينا في الفتوى رقم: 56082 أن الاجتماع للتعزية يعتبر من النياحة، وفي الفتوى: 6068 بينا وقت تعزية أهل الميت وحكم الاجتماع لها ، وكل الخير في اتباع من سلف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني