الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للأقرأ لكتاب الله التخلف عن الإمامة

السؤال

من فضل الله علي أن من الله علي بالقرآن، فعند ما ندخل المسجد للصلاة أحاول أن أهرب من الإمامة ليتقدم آخر وربما كان أقل في الحفظ وأحكام التلاوة، فيعتب علي بعض الإخوة الذين يعرفون تلاوتي ويقولون نريدك للإمامة ولا نريد غيرك، وأنا أخاف المسؤولية وأتأخر في نواحي المسجد حتى يكبر من يؤم. فهل أنا مخالف للسنة كما يقولون لي أم هو فعل الأئمة تأخرهم عن الإمامة؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ينبغي لك أن تتخلف عن الإمامة، وتتأخر عنها إذا كنت أقرأ الجماعة، فإن في هذا جملة من المفاسد، فمنها مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أمر بأن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. رواه مسلم.

ومنها تصدر غير المؤهل، ومن قد يكونُ في قراءته أو صلاته خلل، ومنها أنك تفوت على نفسك هذا الفضل العظيم، والأجر الجسيم المترتب على توليك إمامة المسلمين في الصلاة، وحسبك أن الإمامة هي وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده، وانظر الفتوى رقم: 121226.

قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: الإمامة منصبٌ شريف ومقام عزيز مُنيف، لا ينبغي لكل أحدٍ أن يتصدّر له، ولا ينبغي لكل أحدٍ أن يكون فيه إلا إذا كان أهلاً لهذا المقام، فحينئذٍ يجوز له أن يتقدم على الناس، وأن يتشرف بهذا المكان الذي يكون فيه مؤتمناً على صلاتهم، وإقامة هذه الشعيرة لهم، والناس تقتدي بالأئمة، فكلما كان الإمام على صلاح وتقوى لله عز وجل، وعلمٍ بالشريعة، وفقه في الدين، ومعرفةٍ بهدي النبي صلى الله عليه وسلم كلّما كان ذلك أدعى لحبِّه وحب الصلاة وراءه، والتأثر بقراءته ومواعظه وخطبه، الأمر الذي يكون له أحمدُ العواقب، وأحسنُ الثمرات، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة أن تهيئ لهذا المقام من توفرت فيه شروط الأهلية، فقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي مسعود في الصحيح: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله.

فأمرنا عليه الصلاة والسلام أن نقدم الأقرأ لكتاب الله عز وجل، والسبب في ذلك أنّ الغالب في الإنسان إذا شرّفه الله وكمّله وفضّله بحفظ كتابه فالأصل فيه أن يكون من أهل كتاب الله العالمين به، العاملين بما فيه، ومثل هؤلاء أئمة يُقتدى بهم إذا كان القرآن إماماً لهم في القول والعمل والاعتقاد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. انتهى.

ولو أن كل متأهلٍ لمنصب شريف تركه خوفاً من تحمل المسؤولية لصار الأمر فوضى وضيعت الأمانة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. أخرجه البخاري.

فالذي ينبغي لك أيها الأخ الكريم ألا تتخلف عن الإمامة إذا كنت أولى بها، ولكننا ننصحك بأن تُجاهد نفسك في تحقيق الإخلاص، ونفي الرياء، وعدم الالتفات إلى ثناء الناس ومدحهم، بل اجعل عملك خالصاً لوجه الله تعالى، لا تبتغي به إلا مرضاته وحده، وانظر الفتوى رقم: 120024.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني