الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع الاستمناء لمن تأخر في الزواج

السؤال

أنا شاب لست متزوجا، حيث إنني ليس لدي القدرة المادية على الزواج، كما أنه حدث لي أن أصبت في خصيتي اليسرى بضمور تماما وكليا، مما يجعلني ذلك محرجا كثيرا جدا عند التقدم للزواج، ومع ذلك لم أقنط من رحمة الله، وتقدمت للزواج أكثر من مرة لأكثر من أنثى، سواء كانت بكرا أو سبق لها الزواج قبل ذلك، وسواء كانت تصغرني في السن أو تكبرني، وذلك مع المصارحة بحالتي، ولكن كان الرفض دائما هو الجواب والرد. وأنا أشعر في أغلب الأوقات أن شيئا ينقصني، وهو أن أقوم بالاستمناء حيث إنه يحدث لي التدهور والاضطراب والضرر لحالتي النفسية والاجتماعية إن لم أستمن، مما يجعلني أقوم بالفعل بعمل الاستمناء، وأنا أريد أن أعرف أليس ذلك مباحا؛ حيث إن الشخص إذا خاف على نفسه من الضرر فيباح له ممارسة الاستمناء، وذلك كما قال الأئمة وعلماء الدين الإسلامي وغيرهم حتى من علماء النفس وأطباء النفس الذين ينصحون بالاستمناء في مثل هذه الحالات، تجنبا للضرر النفسي والاجتماعي الذي يحدث للشخص؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك على أن ما تعاني منه من ضمور في إحدى الخصيتين ليس من العيوب التي توجب الإخبار بها، طالما أن هذا العيب لا يؤثر على الجماع أو الاستمتاع، كما هو الظاهر من حالك. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 12255. وراجع في الفتويين رقم: 53843، 97026. ضابط العيب الذي يجب الإخبار به.

أما بخصوص الاستمناء فالأصل أنه محرم، وقد بينا هذا بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: 23868.

ولو نزل بالشخص حال تحقق معه - أو غلب على ظنه - أنه إذا لم يستمن فإنه سيقع في الزنا فإن الاستمناء حينئذ من باب ارتكاب أخف الضررين وأقل المفسدتين. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 2720.

وبناء على ذلك فإنا لا نرى فيما تذكر مسوغا لك للجوء لهذه العادة الذميمة، ولو أنك التزمت الوصايا الشرعية من غض البصر، وصرف الخواطر الرديئة والصوم لكنت في غنية عن هذا الفعل، ولزال عنك ما تعاني منه من اضطراب وقلق بسبب هذه الشهوة، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء .

قال النووي : والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المنى كما يفعله الوجاء. انتهى. وجاء في فتح الباري: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 6995. فإن بها نصائح لمن غلبته شهوته.

واعلم أن القول بأن العادة السرية تزيل الاضطراب وتدفع القلق كلام خاطىء، وهو مخالفة صريحة للشرع والواقع، فإن الله سبحانه لم يحرم على عباده شيئا إلا وهو مفسدة خالصة أو فيه من المفاسد ما يربو على المصالح ويزيد عليها. وقد ذكر العلماء وأهل التخصص أن العادة السرية تسبب القلق والاضطراب وضعف الأعصاب واعوجاج العضو الذكري، وقلة التركيز، وقد تؤدي للعقم عند الاستكثار منها. وعلى ذلك فإن من يفعلها فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار. حتى ولو لم يستطع الإنسان أن يتغلب على الاضطراب الحاصل من أثر الشهوة، فليصبر عليه، فإن صبره على الضر حينئذ من طاعة الله، وهذا خير له من أن يصبر على الضر في معصية الله. وراجع أضرار العادة السرية في الفتاوى رقم: 7170، 23868، 2283، 24126.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني