الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز للمرأة أن تشكو زوجها وهل ينقص ذلك من أجرها

السؤال

زوجي يعاني من مرض الفصام الباروني ويرفض تناول أي علاج . المشكلة لدي أنه يسألني مرارا لمن أشتكي وأجاوبه أن شكواي لله تعالى. وفي الحقيقة أنا أنفس عن مشاكلي وإزعاجاته حيث إن شكوكه تتعلق بي أنا ويعتقد أنني أراقبه وأنوي ضرره، وبالتالي اضطررت للجوء لأخته الكبيرة والمتزوجة هنا في نفس البلد، وهي ملتزمة والحمدلله وهو لا يعلم، و بالتالي هل أتحمل وزرا ؟ وهل هذا ينقص من أجر صبري الذي أحتسبه عند الله تعالى؟ وما معنى أن يكون المرء صابرا بينما في مثل حالتي أتمنى إما موتي أو موته ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما بخصوص الشكوى للناس من شخص بعينه، فالأصل فيها أنها ممنوعة لما تتضمنه من الغيبة، لأن الشكوى تستلزم ذكر معايب الشخص، وذكر المعايب من الغيبة المحرمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره. رواه أبو داود وصححه الألباني.

ولكن يستثنى من ذلك بعض الحالات المذكورة في الفتوى رقم: 6082.

وعلى ذلك، فإن شكواك لأخت زوجك يتوقف الحكم فيها على المقصود من وراء ذلك، فإن كان مقصودك من ذلك أن تقوم بنصحه أو كفه عن بعض أذاه، أو حتى بنصحه بالتداوي من مرضه ونحو ذلك، فلا حرج عليك في ذلك، لأن هذا من المواطن التي تباح فيها الغيبة كما سبق بيانه في الفتوى المحال عليها آنفا، ويمكنك أن تستعملي التورية والمعاريض لإخفاء هذا عن زوجك إذا سألك عمن تشتكين إليه.

أما إذا كانت أخته لا تقدر على شيء من هذا، وكانت شكواك لها لا فائدة من ورائها، فإنه لا يجوز حينئذ خصوصا مع علمك بكراهية زوجك لهذا.

وأما بخصوص نقصان الأجر بسبب الشكوى فنقول: أما الشكوى التي تتضمن التسخط على أقدار الله سبحانه والجزع مما نزل بالمرء فهي ممنوعة محرمة، وأما ما كان على خلاف ذلك كإخبار صديق أو قريب ونحوهما بالحال فلا حرج فيها، وإن كان أجر من كتم هذا أعظم من أجر المشتكي ولا شك، وراجعي الكلام عن الشكوى مفصلا في الفتوى رقم: 28045.

أما بخصوص تمني الموت، فإنه مكروه إذا كان لأجل مصيبة دنيوية،لأنه بخلاف تمني الموت لخوف الفتنة في الدين فإنه جائز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.

جاء في فتح الباري لابن حجر: وقوله: من ضر أصابه، حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي فتنة في دينه لم يدخل في النهي، ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن إسحاق: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا. انتهى.

وفيه أيضا: لأن في التمني المطلق نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم. انتهى.

وننبهك على أن في صبرك على زوجك وما نزل به من بلاء خير عظيم، وثواب كبير في الدنيا والآخرة، لكن إن كان في بقائك معه ضرر عليك فإنه يجوز لك أن تطلبي الطلاق منه.

وأما بخصوص امتناع زوجك عن العلاج فراجعي حكم التداوي في الفتويين رقم: 116773، 9729.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني