الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مهنة التمريض للمرأة.. رؤية شرعية

السؤال

أنا فتاة أرغب بدخول التمريض. فما حكم عملي بالتمريض؟ علما بأن أهلي يرفضون دخولي فيه فكيف أقنعهم؟ أرجو مساعدتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا حرج في العمل في مجال التمريض بالنسبة للفتاة، بشرط أن ينضبط ذلك بالضوابط الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 55271.

بل لو قيل إن عمل بعض النساء في مجال تمريض النساء وتطبيبهن واجب لم يكن هذا بعيدا، لأن تركهن لهذا التخصص جملة يترتب عليه عمل الرجال فيه، ومعلوم أن مباشرة الرجال النساء في أمور التطبيب وغيرها فيه ما فيه من الفتن والمفاسد، وقد بينا طرفا من هذا في الفتوى رقم: 60436.

أما منع أهلك لك من مزاولة هذا العمل ففيه تفصيل: فإن كان المنع من غير الوالدين فلا تجب عليك طاعتهم في ذلك.

أما إن كان المنع من قبل الوالدين أحدهما أو كليهما فهنا ينظر في سبب المنع، فإن كان بسبب معتبر شرعا كخوفهم عليك من الفتنة أو الاختلاط، أو حتى مصاحبة بعض النساء ذوات الديانة الضعيفة والأخلاق الرديئة فهنا تجب عليك الطاعة، لأن طاعة الوالدين واجبة في المعروف. قال ابن تيمية: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين. انتهى.

أما إن كان منعهما لك لمجرد التعنت والهوى، ولم تكن هناك مفاسد متحققة أو مظنونة في هذا العمل فلا تجب عليك طاعتهما، إلا إذا كانا سيوفران لك ما تؤمنين به مستقبلا لا تقل موارده عن موارد هذه الوظيفة، فإن لم يكونا سيوفران لك هذا، وخشيت أن تتعرضي فيما بعد إلى فاقة وضياع فلا يجب عليك طاعتها.

قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله:...... وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق لم يلتفت إليه أخذا مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته، وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد ومنع الوالد له، أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة فلا يلتفت له الولد في ذلك. انتهى.

ويمكنك حينئذ إقناعهما بذلك عبر المناقشة الهادئة اللينة، فتبيني لهما حبك لهذا المجال وأنه لا ينبغي للوالدين أن يمنعا أولادهما من التخصص فيما يريدون، لأن في هذا مفسدة كبيرة وضرر بالأولاد وهما ممنوعان شرعا من الإضرار بأولادهما.

ورحم الله الإمام بن القيم فقد ذكر في هذا الشأن كلاما نفيسا فقال رحمه الله: ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال ومهيأ له منها، فيعلم أنه مخلوق له فلا يحمله على غيره ما كان مأذوناً فيه شرعاً، فإنه إن حمل على غير ما هو مستعد له لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيأ له، فإذا رآه حسن الفهم صحيح الإدراك جيد الحفظ واعياً فهذه علامات قبوله وتهيؤه للعلم... وإن رآه بخلاف ذلك من كل وجه وهو مستعد للفروسية وأسبابها.. وأن لا نفاذ له في العلم ولم يخلق له مكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها، فإنه أنفع له وللمسلمين، وإن رآه بخلاف ذلك وأنه لم يخلق لذلك ورأى عينه مفتوحة إلى صنعة من الصنائع مستعداً لها وهي صناعة مباحة، نافعة للبشر، فليمكنه منها، هذا كله بعد تعليمه له ما يحتاج له من دينه. اهـ.

ثم تبيني لهما ضرورة تخصص المرأة المسلمة في مثل هذا المجال لمباشرة تطبيب النساء مراعاة للآداب وحفاظا على ستر العورات، فإن لم يستجيبا لك فعليك أن توسطي بينك وبينهما من يملك التأثير عليهما من قريب أو صديق أو جار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني