الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد أن أعرف أنواع الصلاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي الصحيحين وغيرهما أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمّا يجب عليه من الصلوات فأخبره بوجوب خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال الأعرابي: هل علي غيرها؟ فقال: لا، إلا أن تطوع شيئا.

فدل بوضوح على أن الصلاة تنقسم إلى نوعين لا ثالث لهما، فرض، وتطوع أو نافلة. والفرض منه ما هو واجب بأصل الشرع وهي الصلوات الخمس، ومنه ما يوجبه المكلف على نفسه بالنذر، ومنه ما هو فرض عين وهي الصلوات الخمس، ومنه ما هو فرض كفاية كصلاة الجنازة. والتطوع أقسام فمنه ما هو آكد من غيره كرواتب الصلوات المكتوبات، والوتر فإنه من آكد النوافل للاختلاف في وجوبه، ومنه ما تشرع له الجماعة كالعيد، والكسوف، والتراويح، ومنه ما له سبب كتحية المسجد، وسنة الوضوء. ومنه النفل المطلق الذي لا سبب له.

وعلى كل فالصلاة خير موضوع كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن النوافل ما هو مختلف في وجوبه كالعيد والكسوف والوتر، والراجح أنه لا يجب شيء سوى الصلوات الخمس بأصل الشرع وما عداها فتطوع لا يأثم تاركه.

قال ابن حزم رحمه الله: الصلاة قسمان: فرض، وتطوع، فالفرض هو الذي من تركه عامدا كان عاصيا لله عز وجل، وهو الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء الأخيرة، والفجر، والقضاء لما نسي منها أو ينم عنها هي نفسها، والفرض قسمان: فرض متعين على كل مسلم عاقل بالغ ذكر أو أنثى حر أو عبد وهو ما ذكرناه، وفرض على الكفاية يلزم كل من حضر فإذا قام به بعضهم سقط عن سائرهم وهو الصلاة على جنائز المسلمين، والتطوع هو ما إن تركه المرء عامدا لم يكن عاصيا لله عز وجل بذلك، وهو الوتر وركعتا الفجر وصلاة العيدين والاستسقاء والكسوف والضحى وما يتنفل المرء قبل صلاة الفرض وبعدها والأشفاع في رمضان وتهجد الليل وكل ما يتطوع به المرء، ويكره ترك كل ذلك، برهان ذلك أنه ليس في ضرورة العقل إلّا القسمان المذكوران إما شيء يعصي الله تعالى تاركُه وإمّا شيء لا يعصي الله تعالى تاركه ولا واسطة بينهما، وقولنا الفرض والواجب والحتم والإلزام والمكتوب ألفاظ معناها واحد وهو ما ذكرنا، وقولنا التطوع والنافلة بمعنى واحد وهو ما ذكرنا، وقال قوم -أي الحنفية- ههنا قسم ثالث وهو الواجب، قال أبو محمد: هذا خطأ لأنه دعوى بلا برهان، فإن قالوا إن بعض ذلك أوكد من بعض قلنا نعم بعض التطوع أوكد من بعض وليس ذلك بمخرج شيء منه عن أن يكون تطوعا. انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: والصلوات المكتوبات خمس في اليوم والليلة ولا خلاف بين المسلمين في وجوبها ولا يجب غيرها إلا لعارض من نذر أو غيره، ثم ذكر قول الموجبين للوتر ثم احتج على عدم وجوبه بالأحاديث كحديث أنس:هي خمس وهي خمسون ما يبدل القول لدي. متفق عليه. وعن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات افترضهن الله على عباده. ثم ذكر حديث طلحة في سؤال الأعرابي عن الواجب من الصلوات وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له وهو الذي صدرنا به الفتوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني