الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصفرة والكدرة قبل وبعد الحيض ليست منه

السؤال

أصبح من عادتي أن أرى الصفرة بعد أن أرى انقطاع دم الحيض، في البداية لم أكن أحسبها شيئا لأنه يفصل بينها وبين دم الطهر بضع ساعات، وأقصاها يوم كامل، ولكن لما بات الأمر يتكرر وأصبحت الصفرة تأتي متقطعة بعد طهر اعتبرتها حيضا متقطعا لأنها تأتي في هذا الوقت من الشهر أيضا، والشهر الماضي رأيت الصفرة قبل موعد الدم ببضعة أيام لا أذكر عددها، وكانت هذه أيام ألم وترقب للحيض، وعندما رأيت الصفرة في هذا الشهر قبل الحيض كذلك أدركت أن دم عادتي أصبحت تسبقها وتعقبها صفرة، فكان علي أن أحتسبها حيضا خصوصا مع وجود ألم وتعب الحيض، علما بأن الصفرة التي تعقب الدم تجعل حيضي تتم الـ 15 يوما ما دامت منه، وبناء على أني لم أحسب صفرة الشهر الماضي حيضا، فقد أخطأت في حساب الأيام وأضفت أياما زائدة عن الـ 15 كان يجب أن تكون استحاضة لاستمرار الصفرة فيها. وعند فراغي من حيضة هذا الشهر اغتسلت في اليوم الـ 16 فجرا وبدأت أقضي الأيام التي أضفتها من حيضة الشهر الماضي والتي قدرتها بـ 3 أيام لأني لا أذكر عددها تماما فبدأت أقضي على التراخي: أي في وقت الفجر من أول يوم عدت فيه للصلاة صليت صلاة فجر أول يوم زاد في حساب حيضة الشهر الماضي قضاء، ثم صلاة فجر اليوم أداء، وهكذا حتى أتم الـ 3 أيام، ولكن حصل عندي شك في وجوب صلوات اليوم الـ 15 علي، خاصة وأنها صفرة متقطعة، وآخر صفرة رأيتها فيه كانت في وقت الضحى، فقررت أن أضيف صلواته كيوم رابع للقضاء بعد الـ 3 أيام الزائدة من الشهر الماضي، ولا أدري أكان يجب علي الغسل وقضاء الصلاة بعد عشاء يوم الـ 15 ؟ وهل أخطأت في شيء مما ذكرت؟ أفيدوني فرج الله كربكم بتفصيل مفيد..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بيّنا خلاف العلماء ومذاهبهم في الصفرة والكدرة مفصلة في الفتوى رقم: 117502، ورجحنا هناك مذهب الحنابلة وهو أن الصفرة والكدرة حيض في مدة العادة وليست حيضا فيما عداها، قال ابن قدامة رحمه الله: إذا رأت في أيام عادتها صفرة أو كدرة فهو حيض، وإن رأته بعد أيام حيضها لم يعتد به نص عليه أحمد، وبه قال يحيى الأنصاري وربيعة ومالك والثوري والأوزاعي وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي وإسحق. اهـ

وعليه، فمتى رأيت الطهر ورأيت بعده صفرة أو كدرة، فإن كانت في مدة العادة فهي حيض، وإن كانت بعد مدة العادة فهي استحاضة، وقد قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. أخرجه أبو داود وأصله في البخاري.

وكذلك ما ترينه من صفرة أو كدرة قبل رؤية الحيض لا يعد حيضا لأنه مسبوق بطهر، فلا يكون حيضا إلا في مدة العادة على مذهب الحنابلة كما قدمنا، فلا تتركي الصلاة لمجرد رؤية الصفرة قبل الحيض بل تنتظرين حتى تري دم الحيض.

ومن ثم فما تفعلينه ليس بصواب، والواجب عليك أن لا تلتفتي إلى ما ترينه من صفرة أو كدرة بعد رؤية الطهر وانقضاء مدة العادة، والواجب عليك كذلك أن تحسبي الأيام التي تركت فيها الصلاة ظانة أن ما ترينه من صفرة وكدرة بعد انقضاء الحيض حيض، ثم تقضين جميع تلك الصلوات لأنك لم تكوني حائضا في نفس الأمر، وتلك الصلوات دين في ذمتك لا تبرئين إلا بفعلها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه، وقضاء تلك الصلوات يكون على الفور حسب طاقتك بما لا يضر ببدنك أو معاشك لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.

ونحب أن ننبهك إلى أمر مهم وهو أن الواجب على المسلم أن يرجع فيما أشكل عليه إلى أهل العلم لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {النحل: 43}، فما فعلته من اقتصارك على إفتاء نفسك دون سؤال أهل العلم والرجوع إلى أقوالهم خطأ منك، فعليك أن تحرصي على العلم النافع وأن تطلبيه من مظانه، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني