الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك المستنكح وغير المستنكح

السؤال

ما معنى المستنكح في الصلاة ?

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمستنكح أو من استنكحه الشك في الصلاة، مصطلح يستعمله فقهاء المالكية لمن كثر منه الشك، بأن كان يعتريه ولو مرة في اليوم.

قال الشيخ عليش في فتاواه مبينا ضابط من استنكحه الشك وحكمه: ضَابِطُ اسْتِنْكَاحِ الشَّكِّ إتْيَانُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صِفَةُ إتْيَانِهِ أَوْ اخْتَلَفَتْ، كَأَنْ يَأْتِيَهُ يَوْمًا فِي نِيَّتِهِ، وَيَوْمًا فِي تَكْبِيرَةِ إحْرَامِهِ، وَيَوْمًا فِي الْفَاتِحَةِ، وَيَوْمًا فِي الرُّكُوعِ، وَيَوْمًا فِي السُّجُودِ، وَيَوْمًا فِي السَّلَامِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَتَاهُ يَوْمًا وَفَارَقَهُ يَوْمًا فَلَيْسَ اسْتِنْكَاحًا وَحُكْمُهُ وُجُوبُ طَرْحِهِ، وَاللَّهْوُ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْأَكْثَرِ لِئَلَّا يُعْنِتَهُ، وَيَسْتَرْسِلُ مَعَهُ حَتَّى لِلْإِيمَانِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ كَثِيرًا فِي كَثِيرٍ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَيُنْدَبُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ، سَمِعَ أَشْهَبَ مَالِكًا يَقُولُ: وَمَنْ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنْ كَثُرَ هَذَا عَلَيْهِ لَهَا عَنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَلْيَقْرَأْ وَكَذَا سَائِرُ مَا شَكَّ فِيهِ. انتهى.

وهناك فرق عند المالكية بين الشك المستنكح والسهو المستنكح.

قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ. فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكِحُ هو أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنْ يَشُكَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً هل زَادَ أو نَقَصَ أو لَا؟ أو هل صلى ثَلَاثًا أو أَرْبَعًا؟ وَلَا يَتَيَقَّنُ شيئا يَبْنِي عليه، وَحُكْمُهُ أَنْ يلهي عنه وَلَا إصْلَاحَ عليه بَلْ يَبْنِي على الْأَكْثَرِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كما في عِبَارَةِ عبد الْوَهَّابِ، وَإِلَى هذا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: أو اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ ولهى عنه، وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هو: الذي لَا يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ كَمَنْ شَكَّ في بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟أو هل زَادَ أو نَقَصَ أو لَا؟ فَهَذَا يُصْلِحُ بِالْبِنَاءِ على الْأَقَلِّ وَالْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فيه وَيَسْجُدُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ وَمُقْتَصِرٍ على شَفْعٍ. الخ.

فَإِنْ بَنَى على الْأَكْثَرِ بَطَلَتْ وَلَوْ ظَهَرَ الْكَمَالُ حَيْثُ سَلَّمَ عن غَيْرِ يَقِينٍ، وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ هو: الذي يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا، وهو أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا سُجُودَ عليه وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيَصْلُحُ، وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هو: الذي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَحُكْمُهُ أَنْ يُصْلِحَ وَيَسْجُدَ حَسْبَمَا سَهَا من زِيَادَةٍ أو نَقْصٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: سُنَّ لِسَهْوٍ. وَالْفَرْقُ بين السَّاهِي وَالشَّاكِّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَضْبِطُ ما تَرَكَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني