الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى صحة إجراء عقد النكاح عبر وسائل الاتصال الحديثة

السؤال

أنا فتاة أعيش في دولة عربية مرتبطة بشاب يعيش في غزة، ويسعى جاهدا لزواجنا، وهذا بعلم أخي وموافقته - حيث إن والدي متوفى - ، ونظرا لطول المدة بيننا وبعد المسافة وصعوبة الظروف التي تعلمونها في معابر القطاع، وخوفنا من الوقوع في محرم، كنا قد قرأنا فتوى تقول :( باختلاف أهل العلم في إجراء عقد النكاح بالوسائل الحديثة كالهاتف والإنترنت ، فمنهم من منع ذلك لعدم وجود الشهادة ، مع التسليم بأن وجود شخصين على الهاتف في نفس الوقت له حكم المجلس الواحد ، وهذا ما اعتمده مجمع الفقه الإسلامي .
ومنهم من منع ذلك احتياطا للنكاح ؛ لأنه يمكن أن يُقلد الصوت ويحصل الخداع ، وهذا ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء .
ومنهم من جوز ذلك إذا أُمن التلاعب ، وهذا ما أفتى به الشيخ ابن باز رحمه الله .
وبهذا يعلم أن الإشكال ليس في مسألة اتحاد المجلس ، فإن الاتصال الهاتفي أو الإنترنتي من الطرفين في نفس الوقت يأخذ حكم المجلس الواحد .
والشهادة على هذا العقد ممكنة ، بسماع صوت المتكلم عبر الهاتف أو الإنترنت ، بل في ظل التقدم العلمي اليوم يمكن مشاهدة الولي وسماع صوته أثناء الإيجاب ، كما يمكن مشاهدة الزوج أيضا .
ولهذا ؛ فالقول الظاهر في هذه المسألة : أنه يجوز عقد النكاح عن طريق الهاتف والإنترنت إذا أُمن التلاعب ، وتُحقق من شخص الزوج والولي ، وسمع الشاهدان الإيجابَ والقبول . وهذا ما أفتى به الشيخ ابن باز رحمه الله ، كما سبق ، وهو مقتضى فتوى اللجنة الدائمة التي منعت النكاح هنا لأجل الاحتياط وخوف الخداع )
وبناءً عليه فقد عقدنا زواجاً عن طريق الصوت على المذهب الحنفي المعمول به في بلدي (والذي لا يشترط الولي ) فعقدنا زواجا بحضور شاهدي عدل يسمعاننا وتمت الصيغة ( الإيجاب والقبول ) واكد كلا الشاهدين سماعهما لنا وتأكدهما من شخصينا، فهل ما حدث بيننا زواج صحيح يهون علينا حتى ييسر لنا الله الاجتماع والعقد الرسمي ؟ لأننا بعد ما فعلنا ذلك انتابنا الخوف من أن يكون ما فعلناه حراما ، وإن كان فيه شبهة حرام فهل يوجب طلاقاً ؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان في إمكانكما أن يكون عقدكما مستوفيا شروط الصحة كلها، لأن وليك حاضر معك، وقد ذكرت أنه موافق على زواجك من ذلك الشخص، كما أن الشهود يمكن إحضارهما لمجلس العقد، ولستما في حاجة إلى أن يسمعا منك ثم يسمعا منه في الهاتف، فالذي كنتما في حاجة إليه هو فقط توكيل الزوج من يتولى عنه القبول. وعلى أية حال، فقد تقدم في الفتوى رقم: 96558، أن ذكرنا أن مجمع الفقه الإسلامي قد أفتى بعدم صحة عقد النكاح بواسطة الهاتف ونحوه، ويؤيده اشتراط الشافعية أن يكون شاهدا النكاح مبصرين، ولم يشترط ذلك الجمهور من الحنابلة والمالكية والحنفية، وبناء على القول الأول فالنكاح المذكور باطل.

وعلى القول الثاني فالشهادة صحيحة لكن بشرط تأكد الشهود من شخصية كلا الزوجين، فيكون النكاح صحيحا عند الحنفية القائلين بعدم اشتراط الولي في النكاح خلافا لجمهور أهل العلم، وإذا أخذتم بقول من يقول بصحته فإننا ننصحكم إذا يسر الله لكم الاجتماع أن تعيدوا العقد مستوفيا شروط الصحة احتياطا للفروج وخروجا من خلاف جمهور أهل العلم القائلين ببطلان العقد السابق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني