الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر والإصلاح إن أمكن خير من الطلاق

السؤال

أنا أبلغ من العمر 19 عاماً، متزوجة من شاب عمره 25 عاماً، أحبه ويحبني ولقد أحببنا بعضنا قبل الزواج، وهناك توافق كبير بيننا وكلانا مثقف، وكان الجميع يتحدثون عنا وعن علاقتنا الجميلة، كل هذا كان طبعاً حتى الأيام الأولى من الزواج، ولكن بعد ذلك كل شيء تغير وأصبحنا لا نطيق أن نرى بعضنا البعض، علماً بأنني الآن أدرس بالجامعة، وهذا بالطبع أصبح يؤثر على تحصيلي، والذي يحير في الأمر أننا لا نعلم السبب الذي أدى بنا إلى هذه المرحلة إذ إنه أصبح فجأة لا يتكلم معي إلا بالصراخ، علماً بأنه يصلي ويعرف الله حق المعرفة، تحدثت مع أمه عن الموضوع فقالت ربما عين الناس هي التي أصابتكم ونصحتني بقراءة القرآن في البيت، علماً أننا لا نسمع الأغاني أبداً خاصة في البيت، وأغلب النقاشات التي تحصل بيننا تكون عن أمور الدين، والذي يدهشني أنه يصرخ عليّ وأحياناً يضربني، ولكنه سرعان ما يهدأ ويعود، ويكلمني ويغضب حين يراني أبكي، بعد شهر واحد من الزواج قررت البحث عن عمل حتى نغيب عن بعضنا، ويشتاق كل منا للآخر ونبتعد عن المشاكل ولكن شيئا لم يتغير. أرجوكم ساعدوني أكاد أجن لا أعلم لما يتصرف هكذا! بعض الناس يقولون لي: ليس هناك ما يجبرك على هذه الحياة اتركيه فأنت ما زلت في مقتبل العمر، وكل شيء يمكن التنازل عنه إلا الكرامة.... وما إلى ذلك. المشكلة أنهم يعلمون أني أحبه أكثر من نفسي ومستعدة أن أتحمل كل شيء منه، ولكن فقط أريد معرفة السبب، أنا الآن في بيت أهلي منذ ثلاثة أيام، ولا أعلم ماذا أفعل أسمع من الجميع ولا أعلم من أتبع. أرجوكم ساعدوني؟ لا أريد أن أفقد زوجي مع العلم أننا متزوجان فقط منذ شهرين. هل أعود للبيت دون أن يأتي ليأخذني ويعدني أمام أهلي ألا يعاود فعل هذا مرة أخرى؟ أم أنتظر ليبادر هو بالأمر؟
والله إني حزينة جداً. أين أحلامنا التي حلمنا سويا؟ وأين تمنياتنا بقدوم ورد، الثمرة التي لطالما حلمنا بها؟
أنتظر الإجابة والنصيحة من حضرتكم؟
ملاحظة: ورد هو الاسم الذي نتمناه لابننا إن أراد الله أن يرزقنا به.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يصلح ذات بينكم، ويصرف عنكم كيد الشيطان، ويرزقكم من الذرية الصالحة ما تقر به عيونكم.

وننبهك أيتها السائلة إلى أن العلاقات التي تكون بين الفتاة والرجل الأجنبي قبل الزواج بدعوى الحب، وما يتبع ذلك غالبا من الولوج في معصية الله ولو بنحو نظرة أو لمسة أو حديث لا حاجة إليه، أو لم تلتزم فيه ضوابط الشرع، كل ذلك غالبا ما يظهر شؤمه ووباله عقيب الزواج في صورة الشقاق والخلاف، والخصومات، وذهاب الألفة بين الزوجين، والمعاصي لها آثارها السيئة التي تصيب أصحابها ولو بعد حين.

يقول ابن الحاج رحمه الله في كتابه المدخل وهو يتحدث عن المعاصي التي يقع فيها الزوجان وما ينتج عنها من الآثار السيئة: لا جرم أن التوفيق بينهما قل أن يقع، وإن دامت الألفة بينهما فعلى دخن، وإن قدر بينهما مولود فالغالب عليه إن نشأ العقوق وارتكاب ما لا ينبغي، كل ذلك بسبب ترك مراعاة ما يجب من حق الله تعالى منهما معا. انتهى.

فالواجب عليكما التوبة إلى الله جل وعلا مما كان منكما من هذا القبيل.

ثم بعد ذلك ننصحكما بالرقية الشرعية المبينة بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها : 52520،22104، 43100، 2244، 80694. فربما كان للعين أو الحسد دور فيما يحصل بينك وبين زوجك.

ثم ننصحكما بمراجعة علاقتكما بالله، وما عساه يكون قد حصل من تقصير منكما في جنبه سبحانه، فإن ترك الواجبات والمأمورات سبب في العداوة والبغضاء كما قال الله سبحانه: فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. {المائدة:14}.

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى:... إن ترك الواجب سبب لفعل المحرم قال تعالى: ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة. فهذا نص فى أنهم تركوا بعض ما أمروا به فكان تركه سببا لوقوع العداوة والبغضاء المحرمين، وكان هذا دليلا على أن ترك الواجب يكون سببا لفعل المحرم كالعداوة والبغضاء. انتهى.

واعلمي أيتها السائلة أن الأصل المتقرر أن المرأة لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها دون إذن منه إلا لحاجة أو ضرورة. وقد بينا ضوابط ذلك في الفتوى رقم: 65363.

وعلى ذلك فخروجك من بيته إلى بيت أهلك دون إذن من زوجك لا يجوز، وعليك بالتوبة من ذلك ولا تتحقق التوبة إلا بالرجوع إلى بيته فورا دون شرط .

وأما ضربه لك، فإن كان بغير سبب معتبر فإنه غير جائز وهو من الظلم المبين، وقد نص الفقهاء على أن ضرب الرجل زوجته بدون سبب يبيح لها طلب الطلاق كما بيناه في الفتوى رقم: 112369.

ولكنا لا ننصحك بطلب الطلاق ولوكان الزوج ظالما لك، بل ننصحك بالصبر عليه وبذل الجهد لاستصلاحه.

واحذري أن تنصتي لهؤلاء الغاوين الذين يحرضونك على طلب الطلاق فإنهم إما عدو حاسد، وإما صديق أحمق جاهل.

وفي النهاية ننبه على أن عمل المرأة له شروط سبق بيانها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 522، 7550، 8360.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني