الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات الشيطان وطريق السلامة منها

السؤال

كيف أعرف ـ جزيتم خيرا ـ أن الذي أفكر فيه ما هو: إلا خطوة من خطوات الشيطان؟ وخاصة ـ كما أعرف وتعرفون ـ أن الشيطان اللعين إن لم يستطع الدخول عن طريق المعاصي دخل عن طريق الطاعات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {البقرة:168}. وقال سبحانه: وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {الأنعام:142} فنهى الله سبحانه في الآيات السابقة المؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم عن اتباع خطوات الشيطان، ولكي لا نتبع خطوات الشيطان لا بد أن نعلم ما هي خطوات الشيطان؟ فنقول: قد ذكر العلماء أن المعنى الجامع لخطوات الشيطان هو: أنها طرقه ومسالكه التي يأمر بها وهي جميع المعاصي من كفر وفسوق وظلم ونفاق، قال الماوردي في قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ: واختلف أهل التفسير في المراد بها على أربعة أقاويل:

أحدها: أن خطوات الشيطان أعماله، وهو قول ابن عباس. والثاني: أنها خطاياه، وهو قول مجاهد. والثالث: أنها طاعته، وهو قول السدي. والرابع: أنها النذور في المعاصي. ـ تفسير الماوردى: النكت والعيون 1/220).

وعن قتادة قال: كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان. ينظر: الدر المنثور للسيوطي 1/403).

وإذا علمنا المقصود بخطوات الشيطان فطريق تجنبها يكون بطاعة الله ورسوله، وصياغة المسلم لحياته على وفق شريعة الله ومنهجه، وعرض كل فعل أو قول أو اعتقاد على الشريعة، فإن وافقها فهو خير وبركة وإن خالفها فهو من خطوات الشيطان التي يجب الابتعاد عنها، ولهذا أمر الله سبحانه بالدخول في السلم وهو الإسلام، ثم حذر مما يخالف الإسلام بالنهي عن اتباع خطوات الشيطان، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:208}.

وفي الآية الأخرى نهى عن اتباع خطوات الشيطان ثم ذكر ما يترتب على اتباع خطواته من الضرر، فقال سبحانه: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 168-169}. وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {النور: 21}.

ثم إن الشيطان إن رأى المؤمن حريصا على اجتناب ما نهى الله عنه، ولم يستطع أن يضله عن طريق المعاصي، أتاه من باب الطاعات، قال ابن القيم رحمه الله: وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: فإما إلى غلو ومجاوزة، وإما إلى تفريط وتقصير، وهما آفتان لا يخلص منهما في الاعتقاد والقصد والعمل إلا من مشى خلف رسول الله وترك أقوال الناس وآراءهم لما جاء به، لا من ترك ما جاء به لأقوالهم وآرائهم.

وهذان المرضان الخطران قد استوليا على أكثر بني آدم ولهذا حذر السلف منهما أشد التحذير، وخوفوا من بلي بأحدهما بالهلاك، وقد يجتمعان في الشخص الواحد كما هو الحال في أكثر الخلق يكون مقصرا مفرطا في بعض دينه غالبا متجاوزا في بعضه، والمهدي من هداه الله. انتهى. من كتاب الروح ص/347.

ولمعرفة المزيد عن خطوات الشيطان وأهدافه وكيفية السلامة منها، ننصح بمراجعة كتاب: عالم الجن والشياطين للدكتور: عمر الأشقر حفظه الله، ومطالعة الفتاوى السابقة في هذا الموضوع التالية أرقامها: 12928، 68468، 71762، 54808، مع التسلح بالعلم النافع الذي يعصم من الوقوع في الشبهات، ويحض على التقوى والعمل الصالح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني