الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأولى طرح الشك إذا كان سببه الوسوسة

السؤال

كثيراً جدا ما يعتريني شك بالصلاة، هل كبرت تكبيرة الإحرام أم لا، هل قرأت سورة بعد الفاتحة ، وهل......؟ مما أضطر معه أن أقطع صلاتي وأبدأها من جديد، وأحياناً حتى في الوضوء أعيده لإزالة الشك.فماذا أفعل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أن من شك في الإتيان بتكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته ووجب عليه استئنافها، إذا كان شكه قبل الفراغ من العبادة، وكذا من شك في الإتيان بركن من أركان الصلاة وهو في أثنائها فإنه يبني على الأصل وهو أنه لم يأت بهذا الركن، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 2598.

وأما الشك في الإتيان بسنة من سنن الصلاة كالقراءة بعد الفاتحة فلا يستوجب قطع الصلاة ولا العودة إلى السنة المشكوك فيها، لأن تعمد ترك هذه السنن لا تبطل به الصلاة فبالشك أولى، والقراءة بعد الفاتحة سنة لا تبطل الصلاة بتركها.

قال ابن قدامة في المغني: لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أنه يسن قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة. انتهى.

وقال الشيرازي في المهذب: ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة وهذا سنة. انتهى.

وأما من شك في الوضوء فإنه يعمل بما تيقنه، فإن تيقن الطهارة وشك في الحدث فالأصل أنه متوضئ، وإن تيقن الحدث وشك في الطهارة فالأصل أنه محدث.

قال ابن قدامة في المغني: إذا علم أنه توضأ وشك هل أحدث أو لا بنى على أنه متطهر، وإن كان محدثا فشك هل توضأ أو لا فهو محدث، يبني في الحالتين على ما علمه قبل الشك ويلغي الشك وبهذا قال الثوري، وأهل العراق، والأوزاعي، والشافعي، وسائر أهل العلم فيما علمنا إلا الحسن، ومالكا فإن الحسن قال: إن شك في الحدث في الصلاة مضى فيها وإن كان قبل الدخول فيها توضأ، وقال مالك: إن شك في الحدث إن يلحقه كثيرا فهو على وضوئه وإن كان لا يلحقه كثيرا توضأ لأنه لا يدخل في الصلاة مع الشك.

ولنا ما روى عبد الله بن زيد قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه و سلم الرجل يخيل إليه وهو في الصلاة أنه يجد الشيء قال : لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه. ولمسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا أوجر أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه أم لم يخرج فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. ولأنه إذا شك تعارض عنده الأمران فيجب سقوطهما كالبينتين إذا تعارضتا ويرجع إلى التيقن. انتهى.

ولكن إذا كثرت هذه الشكوك بحيث وصلت إلى حد الوسوسة فالواجب حينئذ الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، فإن الإنسان لو فتح على نفسه باب الوسوسة فإنه يجر على نفسه شرا عظيما يصعب تلافيه، فأعرض عن هذه الوساوس ولا تلتفت إليها ولا تعرها أي اهتمام، وكلما حدثتك نفسك بأنك لم تكبر تكبيرة الإحرام فاطرح عنك هذا الشك وامض في صلاتك غير ملتفت إلى تلك الوسوسة، وكذلك فافعل في الشك الذي يعتريك في الوضوء وفي غير تكبيرة الإحرام في الصلاة، ما دام ذلك الشك قد كثر عندك حتى صار وسوسة، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 51601، 119945، 106891.

وأما إذا كان الشك يعتريك بعد الفراغ من العبادة فإنه لا أثر له بكل حال، وانظر الفتوى رقم: 55598.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني