الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

متى يقع الطلاق بألفاظ الكناية

السؤال

مشايخي الأفاضل: أعتذر عن حجم السؤال لكن أريد فتوى كاملة بعيدة عن تغييب أي من الحقائق. فأنا لا ألتمس عذرا لخطئي أو أحاول تبرير فعلتي كي تفتوني بما يرضي أهوائي بل ألتمس رضا الله أولا وآخرا.
أنا شاب خاطب وعاقد قراني لكن لم أدخل بها بعد، لكن تحققت كل أنواع الخلوة الشرعية الصحيحة التي تفضلتم بها بفتاوى أخرى. حدثت مشاكل كبيرة بيني وبين خطيبتي بسب مشاكل تافهة بين أهلي وأهلها، وكنت أرفض التدخل بها وطلبت منها عدم التدخل هي الأخرى لكن في آخر الأمر تدخلت ووقفت مع أمها ولم تعد تزور أهلي كثيرا، حتى أتى اليوم الذي توفيت جدتي ولم تأت أمها ولا هي للعزاء، واكتفت هي وحدها دون أمها باتصال هاتفي للعزاء، وبعد انقضاء ثلاثة أيام ولم يحضروا استشاط غضبي فهي أهانتني وأمها أمام أهلي وأقاربي بعدم حضورهما، واكتفت بتبريرها بالمرض عندما هاتفتها وهدتتها بتركها وقلت لها إن أخي معه توكيل مني بكل شيء من أموال وتزويج وطلاق، وقلت لها بأني أخبرته بأن يفصلنا وفعلا هذا الذي حصل، لقد أخبرت عائلتي عدة مرات بأن يفصلونا، مع العلم أني لم أرد ذلك من قلبي وأعرف بأن أهلي لن يقبلوا ذلك، وأمي ترفض و تحاول أن تهدئ من غضبي لمعرفتها مقدرا حبنا لبعض، لكني لم أستمع لها لأني أحسست بأنها أهانت أمي وكنت أحاول إرضاء أمي بسبب ما فعلوه، ثم أتت عند أهلي واعتذرت وقالت لها أمي أنا أتكلم معه وأهدئ من غضبه، لكنها لم تصبر واتصلت بي لكني لم أدعها تتكلم لقد أحسست أنها راهنت على حبي كثيرا لكن كبريائي لم يحتمل إلا أن يطلقها وأنا كاره لأن أطلقها-عندما اجتمع قلبي وكبريائي رفض كبريائي إلا أن يطلقها- وبذلك كان اليوم الأسود، وما إن أغلقت الهاتف حتى ندمت ندما شديدا وعاهدت الله أن لا أطلقها أو حتى أفكر به، ثم اتصلت بوالدها واعتذرت وحاولت إصلاح الأمور على أن أراجعها ولم أجد منهم إلا كل استجابة. وأتى اليوم الأسود مرة أخرى، وأنا أريد أن أعرف ما هي شروط إرجاعها؟ وأنا أتصفح فتاواكم الكريمة إذا عيني تقع على شيء لم أدره أبدا وهو أن الطلاق نوعان:- والجهل لايبرر وقوع الخطأ- لم أعرف بأن هناك طلاق كناية، وإذا بي أستعيد كل ما قلته لأهلي ولها عن ورقة الانفصال-حتى لم أكن أستطيع وقتها أن أقول ورقة الطلاق أمامها أو أمام أهلي لعدم رغبتي بالطلاق- وإذا بي أقرأ كل فتاواكم وفتاوى أخرى علي أجد ما يشبه حالتي. وجدت الكثير من اإاجابات لكتها ليست كافية لي، لأني وجدت كل الإجابات تتحدث عن النية. لكن لم أجد أي إجابة تتحدث عن القصد. عندما يسأل الشخص أنه قال لزوجته اذهبي عند أهلك ولا ترجعي أبدا فبذلك قصد الطلاق، وإن لم يكن قد نواه إما عن طريق التأديب أو التخويف أو الغضب. فأنا عندما كنت أتحدث عن ورقة الانفصال كنت أشعر بحسرة وأنا أقولها، وكنت أقولها بلساني لكنها كانت كناية عن الطلاق، وبذلك تحدد القصد مع العلم كانت نيتي غير ذلك وكنت في صميمي أتمنى وأدعو الله أن تنصلح خطيبتي. وسؤالي الآن: هل هنالك فرق بين النية والقصد؟ وهل أنا الآن قد طلقت زوجتي عدة مرات أم هي مرة واحدة حين صرحت بها وبذلك أستطيع إرجاعها؟ أرجو منكم إجابة شافية فأنا وخطيبتي مهما بلغ مقدار حبنا فلا نستطيع أن نخالف أمر الله, لا نريد كسب دنيانا وخسارة آخرتنا والله الموفق. ولا أستطيع أن أقول إلا شيئا واحدا: اللهم هون علينا أمرنا كما هونت على الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله كما في قوله تعالى: وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لاملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم * يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ( التوبة:118،119). ووفقنا لما فيه الخير والرضا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أشكل أمر كنايات الطلاق على كثير من الناس، وتسبب الجهل به وبحدّه إلى تلاعب الشيطان بهم وفتح أبواب الوساوس عليهم، والحقيقة أن الخطب في ذلك يسير والأمر فيه سهل هين، ولا نحتاج لأجل ذلك إلى الدخول في مباحث لغوية في التفريق بين النية والقصد ونحو ذلك. وقد ذكرنا ضابط الكناية مفصلا في الفتوى رقم: 78889 .

والواقع أنك لم تذكر لنا – أيها السائل - ما حدث بينك وبين زوجتك مفصلا حتى نتمكن من إفتائك فيه ولكنك ذكرت كلاما مجملا، ولكنا على كل حال نقول: إن كنت قد طلقتها أثناء حديثك معها في الهاتف طلاقا صريحا فإنه يقع سواء قصدته بقلبك أم لم تقصده وسواء كنت راضيا به أم لا.

وإن كنت قد أخبرت أخاك الذي وكلته في شؤونك أن يوقع الطلاق فإن هذا القول بمجرده لا يعد من قبيل الطلاق الصريح ولا الكناية بل يرجع الأمر في ذلك إلى أخيك، فإن طلق زوجتك فقد حصل الطلاق وإلا فلا.

والظاهر من كلامك أنك عندما طلبت من بعض أهلك أن يطلقها فإن ذلك لم يقع ولم يحصل الطلاق لما ذكرت من رغبة أهلك في استمرار العلاقة بينكما.

أما إن كان قد جرى بينك وبينها شيء من كنايات الطلاق بضوابطها المبينة في الفتوى المحال عليها آنفا، فإن الطلاق يقع عند نية إيقاعه وإنشائه بهذا الكلام، ولا يقع بغير ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني