الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحائض لا تصلي ولا تقضي مافاتها أثناء الحيض

السؤال

أثناء دورة المرأة تترك الصلاة إلى أن تتطهر، فهل لها أن تقضي صلاة الأيام التي تركتها بعد التطهر من باب أنها فريضة، ومن باب الحرص؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أجمع المسلمون على أن الحائض ممنوعة من الصلاة، واستقر الإجماع كذلك على أنها لا تقضي الصلاة، فعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِى الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ، فَقَالَتْ أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّى أَسْأَلُ، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ. متفق عليه. قال الحافظ في الفتح تعليقا على تبويب البخاري ـ لا تقضي الحائض الصلاةـ: قوله: باب لا تقضي الحائض الصلاة: نقل بن المنذر وغيره إجماع أهل العلم على ذلك، وروى عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عنه فقال اجتمع الناس عليه، وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبونه، وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة، لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب، كما قاله الزهري وغيره. انتهى.

فعلم بهذا أن الصلاة ليست مفروضة على الحائض ولا مفروضا عليها قضاؤها، وأما دعوى أن قضاءها الصلاة يكون من باب الحرص فكلام فاسد، فإن أحرص الناس على العبادة ومرضاة الله تعالى هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا يفعلون ذلك ولا يأمرون به ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولو كان في قضاء الحائض الصلاة قربة يتقرب بها إلى الله عز وجل لندب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة إليه وهو الحريص على دلالتهم على كل ما فيه نفعهم.

قال العلامة المردواي في الإنصاف: قيل لأحمد في رواية الأثرم فإن أحبت أن تقضيها؟ قال:لا، هذا خلاف السنة. انتهى.

فالواجب على كل مسلم أن يقف حيث أوقفه الله عز وجل، وألا يجعل لعقله مدخلا فيما لا تعلق له به، وأن يجتهد في التقرب إلى الله عز وجل على الوجه الذي شرعه دون زيادة أو نقصان، قال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51 }. نسأل الله أن يوفقنا لما فيه مرضاته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني