الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضمان رأس المال والربح المعلوم يفسدان عقد المضاربة

السؤال

أرجوأن تردوا على استشارتي: هل الاستثمار في شركة ـ بورتوفيلو ـ الأميركية حلال أم حرام؟ حيث يدفع المستثمرأمواله إلى أحد البنوك في منطقته إلى حساب الشركة أعلاه مثلا :10000$ وتقوم الشركة بفتح حساب له في البنك المحلي وموقع إلكتروني للمستثمر وتعمل الشركة في تجارة الأجهزة الألكترونية وتصنيعها ولا تدخل في المحرمات ـ كالمشروبات المحرمة وغيرها ـ وتكون المدة لفترة سنة واحدة تقوم الشركة بتشغيل المبلغ ويعطيه الأرباح كما يلي:
1- خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة يعطيه: 6000$.
2- خلال الأربعة الأشهر الثانية يعطيه: 8000$.
3- خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من السنة يعطيه: 10000$، علما بأن الشركة تقوم بتأمين هذه الأموال لدى أكبر شركات التأمين في أمريكا لكي لا يخسر المستثمر، وفي حالة إفلاس الشركة ستعيد إليه شركة التأمين المبلغ المتبقي له لتكمل 10000$ المدفوعة له بدون فوائد، أما إذا كان المبلغ المدفوع أقل من 10000$ فإن الشركة تدفع له الأرباح وتختلف من شهر لآخر قد تكون500 في شهر وفي شهر آخر 750$ أو 100$ وهكذا أي أن الأرباح غير محددة، علما بأن خيرة علماء الاقتصاد والإدارة وعلماء المحاسبة يعملون بهذه الشركة وعددهم أكثر من ألف عالم بما يسمى في علم الإدارة ـ رأس المال الفكري ـ وأرجو تنويري، هل أشارك فيها أم لا؟.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المعاملة تشتمل على جملة من المحاذير الشرعية، أولها: وضع المال في البنوك الربوية وذلك محرم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 31201.

والأمر الثاني: أن الشركة تؤمن على أموال المساهمين في شركة تأمين ربوية وذلك محرم، إذ لا يجوز التعاون والتأمين لدى شركة تأمين ربوية، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 7394.

والأمر الثالث: هو ضمان رأس المال وربح معلوم وهما أمران محرمان يفسد كل واحد منهما عقد المضاربة إن وجد فكيف بهما إذا اجتمعا، قال ابن قدامة في المغني نقلاً عن ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم. انتهى.

وحقيقة تلك المعاملة أنك أقرضت الشركة مالاً وردته إليك بزيادة، والمضاربة المشروعة غير ذلك، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 121158.

كما لا بد في المضاربة من تحديد نسبة الربح ولا يصح أن تكون النسبة مجهولة، كما هو الحال فيما ذكرت إن كان المبلغ أقل من عشرة آلاف، قال ابن قدامة: وإن قال خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح أو نصيب أو حظ لم يصح لأنه مجهول، ولا تصح المضاربة إلا على قدر معلوم.

وبناء على ما ذكر فلا يجوز استثمار المال في تلك الشركة لما بيناه من محاذير شرعية، وأسباب الكسب المشروع وطرق استثمار المال المباحة كثيرة جداً، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم وتوجيهه للناس أن قال: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.

قال الحافظ في الفتح أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة. وصححه الحاكم من طريق ابن مسعود وصححه الألباني أيضاً.

وللفائدة، انظر الفتوى رقم: 39761.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني