الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في طلاق الصبي والمجنون

السؤال

تزوجت امرأة من صبي أو مجنون وتريد الطلاق. فمن يُوْقِع الطلاق نيابة عنهما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبالنسبة للصبي فلا يصح طلاقه قبل البلوغ عند الجمهور خلافا للحنابلة القائلين بجواز طلاق الصبي المميز بحيث يعقل حرمة زوجته عليه بالطلاق، ولا يجوز لغير الأب النيابة عنه في الطلاق إجماعا، كما لا تجوز نيابة الأب عنه أيضا عند الجمهور.

أما المجنون فلا يصح طلاقه حال جنونه، وإن طلق حال إفاقته صح طلاقه، ولا يجوز لغير الأب النيابة عنه إجماعا وكذلك الأب أيضا عند الجمهور. وإليك كلام بعض أهل العلم فى المسألة:

قال ابن قدامة فى المغني: وليس لغير الأب تطليق امرأة المولى عليه , سواء كان ممن يملك التزويج , كوصي الأب والحاكم على قول ابن حامد , أو لا يملكه . لا نعلم في هذا خلافا . فأما الأب إذا زوج ابنه الصغير أو المجنون , فقد قال أحمد في رجلين زوج أحدهما ابنه بابنة الآخر , وهما صغيران , ثم إن الأبوين كرها , هل لهما أن يفسخا ؟ فقال : قد اختلف في ذلك . وكأنه رآه . قال أبو بكر : لم يبلغني عن أبي عبد الله في هذه المسألة إلا هذه الرواية , فتخرج على قولين ; أحدهما , يملك ذلك . وهو قول عطاء , وقتادة ; لأنها ولاية يستفيد بها تمليك البضع , فجاز أن يملك بها إزالته إذا لم يكن متهما , كالحاكم يملك الطلاق على الصغير والمجنون بالإعسار . والقول الثاني : لا يملك ذلك . وهو قول أبي حنيفة , ومالك , والشافعي ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الطلاق لمن أخذ بالساق. ولأنه لا يملك البضع , فلا يملك الطلاق بنفسه , كوصي الأب والحاكم , وكالسيد يزوج عبده الصغير , وبهذه الأصول يبطل دليل القول الأول . انتهى.

وفي كتاب الأم للإمام الشافعي: ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها, ولا طلاق المعتوه , ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز. انتهى.

وفي الموسوعة الفقهية: الطلاق رفع قيد الزواج ويترتب عليه التزامات مالية, فلذلك لا يصح طلاق الصبي مميزا أو غير مميز, وأجاز الحنابلة طلاق مميز يعقل الطلاق ولو كان دون عشر سنين, بأن يعلم أن زوجته تبين منه وتحرم عليه إذا طلقها. انتهى.

وفي المدونة للإمام مالك: وقال يحيى بن سعيد: ما نعلم على مجنون طلاقا في جنونه، ولا مريض مغمور لا يعقل , إلا أن المجنون إذا كان يصح من ذلك ويرد إليه عقله فإنه إذا عقل وصح جاز عليه أمره كله كما يجوز على الصحيح، وقال ذلك مكحول في المجنون. انتهى.

وفى الموسوعة الفقهية أيضا: ذهب الفقهاء إلى عدم صحة طلاق المجنون والمعتوه لفقدان أهلية الأداء في الأول , ونقصانها في الثاني , فألحقوهما بالصغير غير البالغ , فلم يقع طلاقهما لما تقدم من الأدلة . وهذا في الجنون الدائم المطبق , أما الجنون المتقطع , فإن حكم طلاق المبتلى به منوط بحاله عند الطلاق , فإن طلق وهو مجنون لم يقع , وإن طلق في إفاقته وقع لكمال أهليته. انتهى.

وإذا وجد موجب لطلاق زوجة الصبي أو المجنون فالذي يتولى الطلاق هو القاضي الشرعي.

قال ابن قدامة فى المغني: كالحاكم يملك الطلاق على الصغير والمجنون بالإعسار. انتهى.

وراجع المزيد فى الفتوى رقم: 39023.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني