الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة من وجد معدنا أو ركازا

السؤال

ما هي قيمة زكاة الركاز على ما تم العثور عليه من معدن ثمين؟ و هل أخذه حلال مع العلم أن الذي عثر عليه كان لوحده في البر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاحتمال الأظهر أن هذا الذي وجدته لقطة، وهي المال الذي ضل عن صاحبه ثم يوجد في أرض غير مملوكة. فإن كان كذلك فالواجب عليك في هذا المال هو الواجب في اللقطة، وهو أن تعرفها سنة هجرية من وقت وجدانك لها، فإن لم يظهر ربها بعد التعريف دخلت في ملكك، وصار لها حكم مالك، ووجب عليك زكاتها على رأس الحول إن كانت ممّا تجب فيه الزكاة، وأما إن كان ما وجدته ركازا والركاز هو ما يوجد من دفن الجاهلية ويعرف بوجود أماراتهم عليه، فالواجب فيه الخمس وباقيه ملك لك لقوله صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. متفق عليه.

قال ابن قدامة في المغني: الركاز الذي يتعلق به وجوب الخمس ما كان من دفن الجاهلية هذا قول الحسن و الشعبي ومالك والشافعي وأبي ثور ويعتبر ذلك بأن ترى عليه علاماتهم كأسماء ملوكهم وصورهم وصلبهم وصور أصنامهم ونحو ذلك. فان كان عليه علامة الإسلام أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من خلفاء المسلمين أو وال لهم، أو آية من قرآن أو نحو ذلك فهو لقطة لأنه ملك مسلم لم يعلم زواله عنه. انتهى .

أما إذا كان الذي عثرت عليه معدنا، ممّا خلقه الله في الأرض فإن كان ذهبا أو فضة وبلغ النصاب ففيه الزكاة وهي ربع العشر عند الظهور عليه، وأما إذا لم يكن ذهبا أو فضة وبلغت قيمته النصاب فزكاته واجبة عند الحنابلة وغير واجبة عند المالكية والشافعية وهو ترجيح العلامة العثيمين رحمه الله.

قال ابن قدامة في المغني في صفة المعدن الذي يتعلق به وجوب الزكاة: وهو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة كالذي ذكره الخرقي ونحوه من الحديد، والياقوت، والزبرجد والبلور، والعقيق والسبج والكحل والزاج والزرنيخ والمغرة، وكذلك المعادن الجارية كالقار والنفط والكبريت ونحو ذلك. وقال مالك والشافعي لا تتعلق الزكاة إلا بالذهب والفضة. انتهى.

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: ولا تجب الزكاة فيما سوى الذهب والفضة من المعادن وإن كان أغلى منهما إلا أن يكون للتجارة فيزكى زكاة التجارة لها. انتهى.

وهذا ما لم تكن الأرض التي وجد فيها المعدن أو الركاز مملوكة لغير الواجد.

قال النووي في المجموع: قال المصنف والأصحاب: إذا كان مواتا أو ملكا للمستخرج فعليه زكاته، وإن وجده في أرض مملوكه فهو لصاحب الأرض ويجب دفعه إليه، فإذا أخذه مالكه لزمه زكاته. انتهى.

ولا بد من التنبه إلى أن العلماء اختلفوا في ملك المعادن بالظهور عليها ومذهب المالكية أن أمر المعادن كلها موكول إلى رأي الإمام.

جاء في الموسوعة الفقهية: وعند المالكية أن المعادن الباطنة كالظاهرة أمرها إلى الإمام. انتهى.

وإذ المسألة من مسائل الخلاف كما رأيت ومذهب المالكية أن أمر المعادن موكول إلى الإمام، فينبغي مراعاة هذا الأمر وتسليم هذا المعدن للدولة إذا كان ولي الأمر قد منع من تملك المعادن.

والخلاصة أن هذا الموجود الظاهر أنه لقطة، وإن كان كذلك فعليك تعريفه سنة ثم تتملكه، وإن كان ركازا فعليك الخمس وباقيه ملك لك، وإن كان معدنا فحكمه هو ما تقدم مع مراعاة قول المالكية المشار إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني