الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المدة المسموح بها في الحزن على الميت

السؤال

أنا الابن الأكبر لوالدي الذي توفي بعد معاناة مع المرض الخبيث لستة شهور، عاش والدي ست سنوات لم يكن يقيم معه سواي وشقيقي الأصغر، يراعينا ويدعمنا ماديا ويقوم بدور الأب والأم، بينما شقيقي الأوسط وشقيقتي كانا يعيشان مع والدتي المنفصله عن والدي تلك الفترة، وكانا يزورانه أو يتصلان به ماعدا والدتي وعلى فترات متباعدة بعد استجداء مني ليتذكرا أباهم، وفي الشهر الأخير فقط استطعت لم الشمل خلال حفل خطبتي الذي أقمته من أجل إسعاد أبي، فحضروا بعدها ليعيشوا في المنزل خلال الشهر الأخير فقط، الآن وبعد أقل من أسبوعين من وفاته أشعر وكأني الوحيد في المنزل الذي يشعر بالحزن والألم بينما هم يضحكون ويمزحون، ويتكلمون عن تجديد المفروشات القديمة وخلافه بدون مراعاة ذكريات وبصمات أبي على كل شبر في المنزل وفترة الحداد، نسوا أو تناسوا والدي رغم وضعي صورته على الحائط ليروها ذهابا وإيابا، ونسوا أن المرض الخبيث يأتي من الحزن والهم بعد أن فارقوه ست سنوات بسبب خلاف زوجي. مالحكم عليهم في شرع الله؟ هل أصمت وأترك الأمور تسير حتى لايغضبوا وتتفكك الأسرة من جديد؟ أم كيف يكون عقابهم على ما اقترفوه في حق والدي رحمه الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمجرد انفصال الوالدين لا يبيح التقصير في حقّ أحدهما، وإنمّا تجب المداومة على برّهما وطاعتهما في المعروف ولا تجوز طاعة أحد الوالدين في مقاطعة الآخر.

واعلم أنّه عند افتراق الوالدين فإنّ الأولاد الصغار دون سنّ التميّز تكون حضانتهم لأمّهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم:9779. وأمّا الأولاد الكبار فالراجح من مذاهب العلماء أنّهم يخيّرون في الإقامة عند أبيهم أو أمّهم، وانظر الفتوى رقم: 50820.

وعلى هذا فمن اختارمن إخوتك البالغين الإقامة مع أمّه أو أبيه فلا حرج عليه، أمّا من قصّر في برّ أحدهما ورعايته وتفقّد أحواله وطاعته في المعروف فهو آثم إلّا أن يكون تاب توبة صادقة، وقد أحسنت حين نصحت إخوتك بزيارة والدهم وحرصت على جمع شملهم ، ونسأل الله أن يجزيك على ذلك خير الجزاء .

أمّا عن شعورك بعدم حزن إخوتك على فقد والدهم، فليس في مجرد ضحكهم ومزاحهم ورغبتهم في تجديد الأثاث ليس في ذلك دليل على عدم حزنهم على فقده، وليس من برّ الوالد المبالغة في الحزن عليه والتعلّق بما خلّفه من ذكريات ، بل ذلك أمر مذموم، وكذلك لا ينبغي تعليق صورته بالبيت، وانظر الفتوى رقم: 680.

وننبّهك إلى أنّ قولك إنّ مرض السرطان يأتي بسبب الحزن يحتاج إلى دليل علمي من أهل الاختصاص، واعلم أنّ الإحداد يكون للنساء على غير الزوج ثلاثة أيام فقط ، والمشروع في الحزن والبكاء على الميت ألّا يزيد على ثلاثة أيام.

ففي عون المعبود شرح سنن أبي داود : وفيه دلالة على أن البكاء والتحزن على الميت من غير ندبة ونياحة جائز ثلاثة أيام . انتهى.

ثمّ إنّ هذه الأمور لا تفيد الميّت شيئاً، وإنّما الذي يفيده الدعاء له والصدقة عنه، فينبغي أن تتعاون مع إخوتك على ذلك وتحرص على صلتهم والإحسان إليهم ولم شملهم.

وننبّهك إلى أنّ حقّ أمّك عليك عظيم بل هو آكد من حقّ أبيك ، فاحرص على برّها والإحسان إليها فذلك من أعظم القربات إلى الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني