الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلب يعود بعد التوبة أقرب إلى الله وأكثر حباً له

السؤال

ربنا يغفر، ارتكبت ذنبا مع رجل عرفته في العمل ،وأنا الآن مهما قلت في أشد الندم. فهل يقبلني الله؟ وهل أعترف لزوجي وأتحمل العواقب؟ مع العلم والله أنى سيدة محترمة وعلاقتي بالله جيدة، وكنت أدعوه أن يبعد ذلك عني ولكن ذلك ما حدث، وأنا الآن أصبحت حياتي بكاء دائما حتى الصلاة لا أستطيع أن أتكلم فيها من البكاء. فهل يقبلني الله ؟ وماذا أفعل مع زوجي؟ وهل ممكن أن أمارس حياتي كما كنت بحب الله ورسوله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإقامة المرأة علاقة غير مشروعة مع رجل أجنبي أمر منكر محرّم ، وإذا كان ذلك من امرأة متزوجة كان الذنب أشدّ وأشنع، لكن من سعة رحمة الله وعظيم كرمه أنّه مهما عظم ذنب العبد وكثرت ذنوبه ثمّ تاب توبة صادقة فإن الله يقبل توبته، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. { الزمر: 53}.

بل إنّه تعالى يفرح بتوبة عبده ويحب التوابين، واعلمي أنّ الوقوع في مثل هذه المعاصي إنّما يكون لتفريطٍ وتهاونٍ في حدود الله، فقد وضع الشرع حدوداً لتعامل الرجال والنساء تصون العفة و تحمي العرض وتحافظ على طهارة القلوب، فمن ذلك تحريم الخلوة، وتحريم الخضوع بالقول، ومنع الكلام بغير حاجة، والأمر بالحجاب وغض البصر ، فاحذري أن تتهاوني في هذه الحدود، وعليك بالاعتصام بالله ودعائه أن يجنّبك الفتن.

فعليك بصدق التوبة، وذلك بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله، والعزم على عدم العود، مع سترك على نفسك، فلا تخبري زوجك ولا غيره بما وقعت فيه من معصية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.

واطلبي من زوجك المسامحة والفعو بصيغة عامة دون أن تصرحي له بما صدر منك، كأن تقولي له: اعف عني عن ما كان من ظلمي لك وتقصيري في حقك ونحو ذلك. وينبغي أن تجتهدي في الإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات الماحية.

واعلمي أنّك - بإذن الله- تعودين بعد التوبة أفضل مّما كنت عليه، فإنّ القلب يعود بعد التوبة أقرب إلى الله وأكثر حباً له وشوقاً إليه وإقبالاً على طاعته واستشعاراً لحلاوة الطاعة، وإذا لم يجد العبد ذلك بعد التوبة فذلك لضعف صدقه في توبته، وللفائدة انظري الفتوى رقم:5646

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني